بسبب متطلبات العصر قررت دار نشر "أمازون" تغيير طريقة محاسبة كبار الأدباء أصحاب الروايات الطويلة جدا، والتي في الغالب لا يستطيع قاريء اليوم استكمال قراءتها علي الانترنت بالصفحة وليس عن قراءة الكتاب بأكمله. ذلك القرار سوف يؤثر علي الأدباء الذين ينشرون لأنفسهم علي الانترنت، لصعوبة الاتصال المباشر بالقراء، إلا أنه سيشجع الكثير من القراء علي القاء ولو نظرة علي بضع صفحات من روايات عظيمة أحجم الشباب عن الاقبال علي قراءتها بسبب ضيق الوقت، فمن يقدر علي قراءة رواية "عوليس" لجيمس جويس، أو "موبي ديك" لهيرمان ميلفيل دفعة واحدة في الوقت الحالي؟ لا أحد. لحسن الحظ ذلك الاسهاب الأدبي انتهي وبينما استطاع هذان الأديبان الهروب من الواقع الجديد بسبب وفاتهما، نجد هناك كثيرين لم يحالفهم الحظ مثل توماس بيكيتي مؤلف كتاب "رأسمالية القرن الواحد والعشرين" المحتوي علي 696 صفحة الذي يتوقع أن يواجه انخفاض نسبة مبيعات مبررة، بالرغم من احتمال حصوله علي الأعلي مبيعا محليا إلا انه غير مقروء عالميا، وفي ذلك مفارقة، فبينما تؤلف كتابا حول الخلل في النظام الرأسمالي تواجه بآلية سوق وحشية تؤكد انك لن تحصل منه علي أي مقابل، كما لن تجد أحدا انتهي من قراءته بأكمله، مما يجعله يدرك انه ليس سوي أحد المفرطين في الكتابة ممن عليهم مواجهة الأمر الواقع، كذلك كتاب العالم الفيزيائي ستيفن هوكنج "تاريخ موجز للزمن"، الذي كتبه دون وضع اعتبار، أن التاريخ الموجز للزمن أصبح بالفعل وجيزا، علاوة علي عدم قدرة أي من القراء علي إتمام قراءة أكثر من بضع صفحات منه بسبب صعوبة صياغته، مما يضع نهاية لاقبالنا علي شراء كتب لمجرد القاء نظرة خاطفة عليها علي أمل استطاعتنا قراءتها في المستقبل، والاكتفاء بشراء بضع صفحات منها مع استمتاعنا بالحرية المطلقة في استكمال قراءتها في وقت آخر.