يسعي كثير من المصممين حاليا لإعادة توظيف الخطوط العربية في كثير من التصميمات المعاصرة التي تخرج بفن الخط العربي إلي أفاق رحبة ، ويعتمد الخط العربي جمالياً علي قواعد خاصة تنطلق من التناسب بين الخط والنقطة والدائرة، إلا إن عبقرية كل فنان تنبع من قدرته علي تطويع تلك الخطوط خارج الأطر النمطية التقليدية المعهودة بما يعكس رؤيته. وكما هو الحال مع العديد من الفنون يظل الحفاظ علي التراث قاعدة للتطوير والتجديد ، ومن هذا المنطلق أعلن صندوق التنمية الثقافية عن افتتاح المقر الجديد لديوان الخط العربي، ضمن فعاليات مركز إبداع بيت السحيمي بشارع المعز، بحيث يكون الديوان إحدي الركائز الأساسية للنهوض بفنون الخط العربي علي كافة المستويات ذ حسبما ذكر المهندس محمد أبو سعدة رئيس الصندوق- من حيث تأهيل الباحثين ورفع مستواهم الفني في مجال الخط العربي وتنمية مواهبهم وتدريب شباب الخطاطين علي إبداع لوحة فنية مبتكرة ، لتقديم منتج فني قابل للتسويق يدخل في تصميمه وحدة الحرف العربي ، حيث يعد نواة لتأسيس مركز ثقافي معني بشئون الخط العربي . وقد استضاف الديوان معرض "إشراقات" في الفترة من 7 إلي 15 يوليو بمشاركة عدد كبير من فناني الخط العربي، ولم يكن هذا هو المعرض الوحيد لفنون الخط العربي في الفترة الأخيرة، حيث شهدت القاهرة عددا كبيرا من المعارض التي قدمت الخط منفردا أو مع فنون أخري احتفاء بشهر رمضان ، فقد استضافت قبة الغوري معرضا للخط العربي علي هامش تقديم عرض "ليالي المقامات الروحية" للمخرج إنتصار عبد الفتاح، وقد شارك في المعرض عدد من الفنانين منهم محمد المهدي، كما قدم المعرض عددا من الفنانين الذين عرضوا لأول مرة ومن بينهم إيهاب الحمزاوي، وهنا المصري، وعبد الله خالد، وشيماء عز الدين. وقد تناول المعرض تجربة جديدة لعدد من الفنانين الشباب من خلال رؤية معاصرة لإخراج الحرف العربي وإخراج لوحة الخط بشكل يتيح للمتلقي رؤية فن الخط العربي بشكل يتسم بالمعاصرة بما لا يخل من جماليات الحرف الكلاسيكي. أما علي صعيد قاعات العرض الخاصة فقد انفردت قاعة بيكاسو بمعرض كامل للفنان خضير البورسعيدي والمعروف بشيخ الخطاطين المصريين, حيث قدم عددا كبيرا من اللوحات التشكيلية التي خرجت بفن الخط عن أشكاله التقليدية وهو ما انعكس في الكلمة التي تضمنها كتالوج المعرض والتي جاء فيها : إن الفنان خضير البورسعيدي يمارس تحويرا في إنتاج قواعده الخطية يتجاوز القواعد الاعتيادية من التحوير التقليدي العابر والذي يتشكل علي المسطح الفني بشكل مبتكر، فنجده لا يعبأ بالنسخ المتشابه للحرف الواحد فضلا عن تفرد باقي الحروف بعضها عن بعض . فكل حرف في قواعده الإبداعية كائن له حالته وتكوينه ، وكثيرا ما تحتوي اللوحة علي بعض التصرفات التي قد تعد تغريدا خارج سرب القاعدة الخطية إلا أنه سرعان ما يعود به مرة أخري في أحضان القوالب الأصلية للخط العربي. كذلك فقد خصص جاليري أبونتو ركنا خاصا لأعمال فنان الخط العربي إبراهيم الدسوقي، خلال فعاليات المعرض الجماعي الذي استضافه الجاليري مؤخرا ، وقد قدم الدسوقي مجموعة بديعية من الأعمال المبتكرة منها بورتريه لأم كلثوم بكلمات أنت عمري، كما قدم عددا من اللوحات لدراويش المولوية بصياغة كلمة "يا رب" بشكل مبتكر وجميل باستخدام الخط الفارسي . يقول الدسوقي الذي درس بأكاديمية الخط قبل أن يتخصص في التذهيب : هناك خطاطون مهرة كثيرون بمصر ربما يتبعون معايير كتابة الخط بدقة متناهية ، لكن مع الأسف هناك قلة من الفنانين الذين يبدعون ويتعاملون مع الخط علي أنه فن ويخرجون بالخط خارج القوالب التقليدية، ويضيف الدسوقي إن هناك ستة أنواع من الخطوط التي تدرس في مصر ومنها النسخ، والرقعة، والثلث، والفارسي، والديواني، والكوفي، ولكل منها جماله. وعن تجربته يقول الدسوقي ، منذ فترة بدأت متابعة أعمال الخطاطين الأتراك والعرب ورأيت كيف يقدمون الجديد، وهناك عدد من الأعمال التي استفدت منها جدا والتي ألهمتني تقديم أعمال مشابهة. وبخلاف بورتريه أم كلثوم، كان للفنان تجارب سابقة مع فن البورترية باستخدام الخط العربي، وكان من بينها بورتريهات لصلاح جاهين بكلمات الرباعايات، كما يعكف الفنان حاليا علي تقديم مجموعة جديدة من البورتريهات لسيد درويش وفيروز، كما يفكر في تقديم كلمات الرباعية ممتزجة بالرسم الذي يعبر عن مضمونها. وربما كانت أعمال الفنانة دعاء عبد الهادي أيضا من الأعمال التي جذبت انتباهي خلال جولتي بمعرض"حكاية خط " الذي استضافه جاليري أرت كورنر بالزمالك بمشاركة عدد من الفنانين ومن بينهم أحمد رمضان ، وراندا زيد، وعادل الجمال، ودعاء عرابي، ومحمود عاطف،ووليد الديب. وقد خرجت دعاء تماما في أعمالها عن تلك القوالب المعهودة للخط ، حيث مزجت بين الرسم والخط العربي باستخدام الخط الديواني الذي تعلمته من خلال ورشة مدتها شهر . ودعاء خريجة فنون جميلة دفعة 2008 قسم ديكور ، وقد أحبت أن تخرج بالخط العربي عن الشكل المألوف ، حيث تقول: أحب الخط العربي ، ولكنني لا أحبذ الأشكال الكلاسيكية التي يحبسونه فيها ، ولذا أحببت أن أقدم لوحات تناسب الديكورات المعاصرة . وقد استعانت دعاء بمقولات واقتباسات أعجبتها والتي من بينها " الإنسان سؤال واجابته بيحب إزاي" لعمر طاهر، وغيرها ، لتمزجها ببورتريهات بلا ملامح وهو الأمر الذي قالت عنه دعاء: أرسم عادة بورتريهاتي بلا ملامح فأنا أقتنص روح الشخص وليست الملامح الخارجية ، أما في حالة المزج مع الخط كنت أرغب في أن تكون روح المقولة هي البديل عن الملامح بحيث تعكس البورتريهات محتوي العبارة .. وتعمل دعاء حاليا علي مشروع ضخم تمزج فيه بين الفوتوغرافيا والخط العربي .