لا أدري تحديدا متي دخلت هذه اللعبة ؟! في الفجر أصمم علي عدم الاقتراب من هذه اللعبة، وفي الليل أجدني مسوقا كالمنوم للوقوع في حبائلها، التدخين، السعال يجتاحني بعنف، وجدت صعوبة في استمرار النوم، استيقظت عدة مرات وكأن جبلا يجثم فوق صدري أتنفس بصعوبة وأحيانا ما أجد حلقي جافا، ويدين أو أكثر تمتدان إلي رقبتي تحاول خنقي ، أنجح في اللحظة الأخيرة في الإفلات من قبضة الأيادي المتوترة الممسكة برقبتي تريد موتي.. ذكرت هذه الأعراض لصديق لي طبيب للأطفال.. كم سيجارة تدخنها في اليوم؟ الحمد لله ، لا أدخن سجاير شيشة؟ أيوة شيشة وتظن أن الشيشة أقل ضررا من السيجارة نعم الشيشة صحية عن السيجارة ابتسم صديقي الطبيب وهو يقول بكل ثقة: لا شيء أضراره أقل من الآخر الشيشة لها طقوس، وهذه الطقوس تحتاج إلي وقت وربما إلي شلة كما لا تنسي أن تغيير الماء ، وطول (اللي) وغيرها من الأمور تصب في مصلحة مدخن الشيشة. بل علي العكس الشيشة أضرارها أكثر لا. الشيشة أضرارها أقل، كما أن السيجارة متاحة في أي وقت عكس حال (طقوس) الشيشة . السدة الرئوية هي الوصف الطبيعي لما تقوله عن حالتك سدة رئوية .. إيه كفي الله الشر تسمي طبيا ، القاتل الصامت وأن نسبة كبيرة من المدخنين يموتون من جراء ذلك . يا ساتر يا رب حين ينتابني السعال والبلغم، و(تزييق) الصدر الذي اسمعه واضحا، ولعابي المر في الصباح اصمم علي ترك التدخين من اليوم، وحين أواجه الضغوط ، ونظرات رئيسي في العمل ، ومطالب الزوجة، ومطالب الأولاد، والدروس الخصوصية، وطابور الخبز، وارتفاع أسعار بلا رابط، وكل هذا الكم من السيارات الفارهة التي تنهب الشوارع وتصرخ بثراء أصحابها، وحوادث الخطف، والاغتصاب، وعربدة إسرائيل دون رابط ولا ضابط، وصمت العرب إزاء كل ذلك .. وغيرها ..وغيرها ... أجد نفسي منساقا إلي المقهي : أطلب بصوت جهور : شاي تقيل، سكر بره ، ثم أجد صوتا آخر يقول وبصوت خفيض : وشيشة، ومن الغريب أن نادل المقهي أصبح مرهف السمع ويسمع جيدا الصوت الذي يقول علي استحياء بداخلي (شيشة) وبعد أن يحضرها لي يقول لي : وسعادتك تشرب إيه .. التقط منه (لي)الشيشة في سعادة، تعانقه شفتاي، ومع جذب الأنفاس، وتصاعد الدخان من زوايا الفم والأنف أزفر كل إزعاجات واحباطات الحياة .. ومع تكرار جلوسي إلي نفس المقهي .. لم أعد في حاجة إلي (ذكر أي مطالب) .. ما إن يراني (النادل) حتي يسرع بالشيشة، وبعد فترة يعقبها بكوب الشاي الساخن مخلوطا بعود النعناع.