"مخاوفي السبعة" رواية مميزة للبوسني سلافيدين أفيدتش صدرت مؤخراً عن دار العربي بترجمة لمحمد أسامة. من يعرف أن "مخاوفي السبعة" رواية بوسنية، ويتوقع رواية توثيقية لأهوال وفظائع الحرب الأهلية في البلقان، سيُفاجأ بعمل كاشف يتناول وحدة الإنسان ومخاوفه في عالم كف عن أن يكون أليفاً. غير أن هذا لا يعني أن العمل منبت الصلة بموطن كاتبه، فالرواية قائمة علي التراث الميتافيزيقي والغيبي الثري للبلقان، وكون الكاتب بوسنياً علي وجه التحديد يتجلي في معرفته الواضحة بالميتافيزيقا الإسلامية ممثلة في "يأجوج ومأجوج" وغير ذلك من تفاصيل. بكلمات أخري، هذه ليست رواية حرب بالمعني التقليدي، لكنها عمل تجريبي يلمس آثار الحرب وتبعاتها علي الحيوات الشخصية، وكيف تخلخل بعنفها عالماً كان مستقراً في الظاهر لتكشف خواءه. تبدأ الرواية التي تدور أحداثها في 2005، ببطل لا نعرف اسمه، يقرر العودة للتواصل مع العالم الخارجي بعد عزلة اختيارية دامت تسعة أشهر أعقبت هجر زوجته له. قرار البطل تزامن مع، أو بالأحري تسبب فيه، اتصال ميرنا ابنة صديقه أليكسا به لتطلب منه مساعدتها في البحث عن والدها الذي اختفي ولم يلحق بها هي وأمها في منفاهما الاختياري. الرواية في معظمها علي لسان البطل غير المسمي؛ باستثناء أجزاء من يوميات أليكسا التي أعطتها ابنته ميرنا للبطل، تلك اليوميات التي تكشف عن إيمان صاحبها بالجن والأشباح والقوي اللامرئية وسعيه للتواصل مع جني المناجم بيركمان. بناء الرواية بسيط، لكن ما يميزها ملاحظات الكاتب الذكية وخبرته بالنفس البشرية وقدرته علي التقاط الوجه الخفي والخافت للحرب، علي رؤيتها كآلية إخفاء وتغييب، فخلالها يختفي كل شيء: الناس، العادات، الأشياء والتقاليد. يتغير وجه المدينة بالكامل كما يذكر الراوي الذي اعتاد علي غياب الناس بنفس سهولة تأقلمه مع نقص الغذاء والماء والكهرباء. من الالتقاطات المميزة أيضاً، طريقة وصف الراوي لمراحل تدهور علاقته بزوجته السابقة رومانا، وكيف يمكن ل"خطأ" عابر أن يكون مدمراً. الرواية ليست غرائبية، بقدر ما هي رواية واقعية بلمسة قوطية، تستفيد من حكايات الجان والأشباح وتدمجها بالمخاوف الإنسانية. يعيب الطبعة العربية من الرواية كثرة الأخطاء النحوية واللغوية.