عرفت مصر الكاريكاتير من أيام الفراعنة ولكنه كان محصورا فقط في دائرة الرسام من أصدقاء ومعارف لأنه استخدم قبل اختراع مطبعة " جوتنبرج " بثلاثين قرنا علي الأقل . والنظام الفرعوني نظام محافظ ولهذا كانت فنونه تخدم معتقداتهم في حياة خالدة بعد الموت. لهذا كان تعبيرها محتكر " للخاصة الحاكمة " أما الكاريكاتير فكان تعبيرا عن واقع حياة عامة الناس. الموضوع الكاريكاتيري تنوعت موضوعاته بين النوادر وفكاهات السلوك ، والمواعظ والحكم الأخلاقية ، وانتفاء مظاهر انعدام التوازن في العدالة الاجتماعية ، إلي جانب الموضوع ففي الدولة الحديثة وفي فترة ضعف أصحاب النظام ، كثر استخدام الأجانب في دواوين الحكومة والجيش وكان دأب الحكام منذ توحيد القطرين في دولة واحدة يعلن أن مصر تحتل مركزا متفوقا عن غيرها من الشعوب المجاورة ، بسبب ما حققه المصريون من رقي حضاري كبير في العمارة والفنون والعلوم والآداب . ومع مرور القرون رسخ هذا الشعور بالتفوق في نفوس الشعب . ومع التجارب التاريخية كان المصريون يدركون أن قوتهم مهددة من باب واحد هو تغلغل الأجانب وتزايد نفوذهم داخل البلاد. لهذا كان من الطبيعي أن تثور في نفوس المصريين مشاعر القلق والانزعاج من كثرة وجود الأجانب في جهاز الحكم والجيش . فجاء الرسام ليسجل هذا القلق بأسلوب انتقادي ساخر ، في بردية تضم أربع فقرات ، وجعل مضمون البردية تعبيرا عن الأوضاع المقلوبة حسب رأيه . بعد أن اخترعت المطبعة ( 1440م ) واستخدام الكاريكاتير في أوربا بعد نصف قرن تقريبا بدأ ظهوره في مصر عندما أصدر " يعقوب صنوع " مجلة " أبو نظارة " إبان الأزمة الخطيرة التي انتهت باحتلال الإنجليز لمصر ووضع الخديو توفيق المعزول علي العرش ، الذي كان هدفا لهجوم المجلة وانتقاد المظالم التي غمرت البلاد . واستخدم " صنوع " شخصيات كاريكاتير رمزية لأول مرة عن الفلاح والسلطان التركي والزعماء المحبوبين من الشعب وضباط جيش عرابي المطرودين .