جوميز: أُفضل الفوز بالسوبر الإفريقي بغض النظر عن المنافس    مصدر أمنى ينفي مزاعم إخوانية عن حدوث سرقات بالمطارات    هيا نقرأ معاً.. قصور الثقافة تشارك معرض زايد لكتب الأطفال بفعاليات وورش إبداعية    الصحة: طبيب الأسرة ركيزة أساسية في نظام الرعاية الصحية الأولية    مسؤول بمبادرة ابدأ: تهيئة مناخ الاستثمار من أهم الأدوار وتسهيل الحصول على التراخيص    بعد الموافقة عليه.. ما أهداف قانون المنشآت الصحية الذي أقره مجلس النواب؟    مستشار اتحاد الصناعات: على الدولة إعادة النظر في دورها من مشغل إلى منظم    تقرير رسمى يرصد 8 إيجابيات لتحرير سعر الصرف    النائب أحمد الشرقاوي: قانون إدارة المنشآت الصحية يحتاج إلى حوار مجتمعي    ارتفاع كبير في سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الإثنين 20 مايو 2024    عواصم دول عربية وأجنبية تتابع بقلق بالغ أنباء حادث تحطم مروحية الرئيس الإيراني    شيخ الأزهر مغردا باللغة الفارسية: خالص تضامننا مع إيران    الشرق الأوسط بات على شفير الهاوية.. ومقاربة واشنطن المضلّلة    باريس سان جيرمان يختتم الدوري الفرنسي بثنائية ميتز.. وبريست يتأهل لأبطال أوروبا    شيخ الأزهر بالفارسية: نتضامن مع إيران وندعو الله أن يحيط الرئيس ومرافقيه بحفظه    الأمم المتحدة: ما يحدث في غزة تطهير عرقي أمام العالم    مصر في 24 ساعة| تطورات حادث سقوط طائرة الرئيس الإيراني.. والسيسي يهنئ الزمالك بالكونفدرالية    العراق: المفاوضات مع الشركات النفطية الأجنبية بإقليم كردستان لم تحقق أي تقدم    نقيب الأطباء: قانون إدارة المنشآت الصحية يتيح الاستغناء عن 75% من العاملين    حسن شحاتة: الزمالك أهدر فرص عديدة والجماهير قدمت المطلوب    عواد بعد التتويج بالكونفدرالية: سأرحل بطلًا إذا لم أجدد مع الزمالك    مصدر يكشف موقف الأهلي بعد تشخيص إصابة علي معلول    حسام وإبراهيم حسن يهنئان نادي الزمالك بعد التتويج بالكونفدرالية    المثلوثي: سعيد بالتتويج بالكونفدرالية.. ونعد الجماهير بحصد بطولات أكثر    أيمن يونس: الزمالك كان يحتاج لبطولة الكونفدرالية من أجل استعادة الكبرياء    "شماريخ وأعلام".. كيف احتفل الجمهور بالكونفدرالية بمقر نادي الزمالك؟ (صور)    حتى يكون لها ظهير صناعي.. "تعليم النواب" توصي بعدم إنشاء أي جامعات تكنولوجية جديدة    مظاهر احتفالات عيد الأضحى بقطر 2024    اليوم.. محاكمة طبيب وآخرين متهمين بإجراء عمليات إجهاض للسيدات في الجيزة    اليوم.. محاكمة 13 متهما بقتل شقيقين بمنطقة بولاق الدكرور    غدا.. أولى جلسات استئناف المتهم المتسبب في وفاة الفنان أشرف عبد الغفور على حكم حبسه    تحذير من التعرض للشمس، حالة الطقس اليوم الإثنين 20-5-2024 في مصر    فوز الزميلين عبد الوكيل أبو القاسم وأحمد زغلول بعضوية الجمعية العمومية ل روز اليوسف    مقرر لجنة الاستثمار بالحوار الوطنى: مصر أنفقت 10 تريليونات جنيه على البنية التحتية    خبيرة ل قصواء الخلالى: نأمل فى أن يكون الاقتصاد المصرى منتجا يقوم على نفسه    حظك اليوم برج الدلو الاثنين 20-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    عمر الشناوي: لو تم تجسيد سيرة جدي سيكون الأقرب للشخصية إياد نصار أو باسل خياط    منسق الجالية المصرية في قيرغيزستان يكشف حقيقة هجوم أكثر من 700 شخص على المصريين    راغب علامة يُروج لأحدث أغانيه.. «شو عامل فيي» | فيديو    عالم بالأوقاف يكشف فضل صيام التسع الأوائل من ذي الحجة    عيار 21 بعد الارتفاع الأخير.. أسعار الذهب اليوم الإثنين «بيع وشراء» في مصر بالمصنعية (تفاصيل)    أيمن محسب: قانون إدارة المنشآت الصحية لن يمس حقوق منتفعى التأمين الصحى الشامل    تقديم الخدمات الطبية ل1528مواطناً بقافلة مجانية بقلين فى كفر الشيخ    برلماني: قانون إدارة المنشآت لن يمس حقوق المنتفعين بأحكام «التأمين الصحي»    أتزوج أم أجعل أمى تحج؟.. وعالم بالأوقاف يجيب    طقس سيئ وارتفاع في درجات الحرارة.. بماذا دعا الرسول في الجو الحار؟    وزير الأوقاف: الخطاب الديني ليس بعيدًا عن قضايا المجتمع .. وخطب الجمعة تناولت التنمر وحقوق العمال    متحور كورونا الجديد.. مستشار الرئيس يؤكد: لا مبرر للقلق    كيف هنأت مي عمر شقيقة زوجها ريم بعد زفافها ب48 ساعة؟ (صور)    هل يجوز الحج أو العمرة بالأمول المودعة بالبنوك؟.. أمينة الفتوى تُجيب    بنك مصر يطرح ودائع جديدة بسعر فائدة يصل إلى 22% | تفاصيل    نائب رئيس جامعة الأزهر يتفقد امتحانات الدراسات العليا بقطاع كليات الطب    "أهلًا بالعيد".. موعد عيد الأضحى المبارك 2024 فلكيًا في مصر وموعد وقفة عرفات    مصرع شخص غرقًا في ترعة بالأقصر    حكم إعطاء غير المسلم من لحم الأضحية.. الإفتاء توضح    رئيس «قضايا الدولة» ومحافظ الإسماعيلية يضعان حجر الأساس لمقر الهيئة الجديد بالمحافظة    «المريض هيشحت السرير».. نائب ينتقد «مشاركة القطاع الخاص في إدارة المستشفيات»    وزير العمل: لم يتم إدراج مصر على "القائمة السوداء" لعام 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وكيل الأزهر يدعو للاتحاد في مواجهة التيار الجارف الساعى لهدم الهوية والقيم الدينية
نشر في صوت الأمة يوم 08 - 05 - 2024

أكد الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، أن النسخة الثالثة من ملتقى مرصد الأزهر لمكافحة التطرف بعنوان «اسمعْ وتكلَّمْ» تمثل حلْقةً جديدة في سلسلةٍ متَّصلةٍ بدأت نسختُها الأولى في شهرِ مايو عام 2018م، وتتأكَّدُ أهميَّةُ هذا الملتقى في ظلِّ عالمٍ مشحونٍ باشتباكاتٍ فكريَّةٍ، واستقطابٍ حادٍّ، ومحاولاتٍ مستميتةٍ لتدميرِ دولٍ وشعوبٍ باستخدامِ أساليبَ متنوِّعةٍ، تستهدفُ المادَّةَ الصُّلبةَ للوطنِ، وهم الشَّبابُ، وتسعى إلى قطعِ الشَّبابِ عن عقيدتِهم، وتاريخِهم، وهويَّتِهم.

وأضاف وكيل الأزهر، اليوم الأربعاء، خلال كلمته بالملتقى الذي عقد بمركز الأزهر للمؤتمرات، أنه وإذا كانَ لكلِّ أمَّةٍ ثروةٌ تعتزُّ بها، ورصيدٌ تدَّخرُه لمستقبلِها وقوَّةٌ تبني عليها مجدَها ونهضتَها، فإنَّ في مقدِّمةِ هذه الثَّروةِ الشَّبابَ الَّذي يعدُّ الدُّعامةَ الأساسيَّةَ في المجتمعِ، والثَّروةَ الحيَّةَ الحقيقيَّةَ فيه، والأملَ المرتجى على الدَّوامِ. وإنَّ مِن مظاهر التَّحضُّرِ والرُّقيِّ لدى الأممِ أن تُعنى بالشَّبابِ، وأن تهيِّئَ لهم ما يجعلُهم رجالًا أكفاءَ أقوياءَ تقومُ الأوطانُ على سواعدِهم.

وقال فضيلته إن عنوان الملتقى يُنبِّه الجميعَ إلى مهارةٍ حياتيَّةٍ أوشكت أن تُفقدَ من حياةِ النَّاسِ على اختلافِ درجاتِهم ومستوياتِهم، وهي مهارةُ الكلامِ والاستماع؛ وعلومُنا الأزهريَّةُ تخبرُنا أنَّ الكلامَ هو اللَّفظُ المفيدُ على حدِّ تعبيرِ جمالِ الدِّينِ ابنِ مالكٍ في قولِه: كلامُنا لَفْظٌ مُفِيدٌ كاسْتَقِمْ * وَاسْمٌ وَفِعْلٌ ثُمَّ حَرْفٌ الْكَلِمْ.

وأشار وكيل الأزهر إلى أنَّ الكلامَ ليس مجرَّدَ حركةِ اللِّسانِ في فمِ الإنسانِ، فما أكثرَ المتكلِّمين إذًا، وإنَّما الكلامُ الَّذي نعنيه هو على حدِّ قولِ الحسنِ البصريِّ رحمه الله تعالى: «لِسَانُ الْعَاقِلِ مِنْ وَرَاءِ قَلْبِهِ، فَإِذَا أَرَادَ الْكَلامَ تَفَكَّرَ، فَإِنْ كَانَ لَهُ قَالَ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ أَمْسَكَ، وَقَلْبُ الْجَاهِلِ مِنْ وَرَاءِ لِسَانِهِ، فَإِنْ هَمَّ بِالْكَلامِ تَكَلَّمَ لَهُ وَعَلَيْهِ»، وهو المعنى هو الَّذي اختصره الأخطلُ في قولِه: إِنَّ الْكَلَامَ لفي الْفُؤَادِ وَإِنَّمَا * جُعلَ اللِّسَانُ على الْفُؤَادِ دَلِيلًا

وتابع فضيلته أن وراءَ الكلامِ قلبٌ يَقِظٌ والألسنةُ مغارفُ، أو هكذا يجبُ أن يكونَ، ووراءَ الكلامِ عقلٌ مدركٌ لمعاني الكلامِ ومراميه، أو هكذا يجبُ أن يكونَ، ومع الكلامِ إدراك لزمانِ الكلامِ ومكانِه، أو هكذا يجبُ أن يكون، وأيَّ متكلِّمٍ لو راعى مثل هذه الضَّوابطِ قبل أن ينطلقَ لسانُه بما يعرفُ وما لا يعرفُ، وبما ينفعُ وما لا ينفعُ لتخلَّى عن كثيرٍ من الكلامِ، ولجنَّبَ مجتمعاتِنا وشبابَنا ويلاتِ الانحرافِ الفكريِّ والأخلاقِّي.

وبين فضيلته أن الاستماع كذلك له آدابُه الَّتي تنتجُ مع آدابِ الكلامِ حوارًا إيجابيًّا راقيًا، وعنوان لقائنا اليوم «اسمعْ وتكلَّمْ» وليس «تكلَّمْ واسمعْ» فالأصلُ أن تسمعَ أوَّلًا، وأن تتعلَّمَ أولًا، وأن تفهمَ أوَّلًا ثمَّ تتكلَّم فيأتي الكلامُ مستندًا إلى ركنٍ ركينٍ من العلمِ والفهمِ والحكمةِ والأدبِ.

واستشهد وكيل الأزهر بواقعة من السيرة النبوية قبلَ ألفٍ وأربعِ مئةِ سنةٍ يوم أن قامَ عتبةُ بنُ ربيعةَ في أصحابِه الَّذين يصدُّون النَّاسَ عن دعوةِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ويبذلون في ذلك ما يستطيعون؛ فقال لهم: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، أَلَا أَقُومُ إلَى مُحَمَّدٍ فَأُكَلِّمَهُ وَأَعْرِضَ عَلَيْهِ أُمُورًا لَعَلَّهُ يقبلُ بعضَها فَنُعْطِيهِ أَيَّهَا شَاءَ، وَيَكُفُّ عَنَّا؟ فَقَالُوا: بَلَى يَا أَبَا الْوَلِيدِ، قُمْ إلَيْهِ فكلمْه؛ فَقَامَ إلَيْهِ عُتبة حَتَّى جَلَسَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فقال: يا ابن أَخِي، إنَّكَ مِنَّا حَيْثُ قَدْ علمتَ مِنْ السِّطَة فيِ الْعَشِيرَةِ، وَالْمَكَانِ فِي النَّسَبِ، وَإِنَّكَ أَتَيْتَ قومَك بِأَمْرِ عَظِيمٍ فرَّقت بِهِ جَمَاعَتَهُمْ وسفهتَ بِهِ أحلامَهم وعِبتَ بِهِ آلِهَتَهُمْ وَدِينَهُمْ وكفَّرت بِهِ مَنْ مَضَى مِنْ آبَائِهِمْ، فَاسْمَعْ مِنِّي أعرضْ عَلَيْكَ أُمُورًا تَنْظُرُ فِيهَا لَعَلَّكَ تَقْبَلُ مِنْهَا بَعْضَهَا. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «قُلْ يَا أبا الوليد، أسمع»، قال: يا ابنَ أَخِي، إنْ كنتَ تُرِيدُ بِمَا جئتَ بِهِ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ مَالًا جَمَعْنَا لَكَ مِنْ أَمْوَالِنَا حَتَّى تَكُونَ أَكْثَرَنَا مَالًا، وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ بِهِ شَرَفًا سَوَّدْنَاكَ عَلَيْنَا، حَتَّى لَا نَقْطَعَ أَمْرًا دُونَكَ، وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ بِهِ مُلكًا مَلَّكْنَاكَ عَلَيْنَا، وَإِنْ كَانَ هَذَا الَّذِي يَأْتِيكَ رَئِيًّا تَرَاهُ لَا تَسْتَطِيعُ رَدَّهُ عَنْ نفسِك، طَلَبْنَا لَكَ الطِّبَّ، وَبَذَلْنَا فِيهِ أَمْوَالَنَا حَتَّى نُبْرِئَك مِنْهُ، حَتَّى إذَا فَرَغَ عُتْبَةُ، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: نَعَمْ قَالَ: «فَاسْمَعْ مِنِّي»؛ قَالَ: أَفْعَلُ. فَقَرأ عليه من سورةِ «فصِّلت»، وأمَّا عُتْبَةُ فقد أَنْصَتَ لَهَا، وَأَلْقَى يَدَيْهِ خلفَ ظَهْرِهِ مُعْتَمِدًا عَلَيْهِمَا يَسْمَعُ مِنْهُ؛ ثمِ انْتَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَى السَّجْدَةِ مِنْهَا، فَسَجَدَ ثُمَّ قَالَ: قَدْ سَمِعْتَ يَا أبا الوليد ما سمعتَ، فأنت وذاك.

وأكد وكيل الأزهر أن هذه الواقعة يظهر ما فيها من سموٍّ أخلاقيٍّ وجمالٍ سلوكيٍّ وصفاءٍ قلبيٍّ ودعوةٍ إلى الله بالحكمةِ والموعظةِ الحسنةِ، ونتوقف عن هذه العباراتِ: «أَقَدْ فَرَغْتَ يَا أَبَا الْوَلِيدِ؟»، «فَاسْمَعْ مِنِّي»، وأخيرًا قال له: «قَدْ سَمِعْتَ يَا أبا الوليد ما سمعتَ، فأنت وذاك». فأيُّ لغةٍ تلك الَّتي تصف هذا الجمال والجلال؟!

وتحدث فضيلته عما حوته هذه الواقعة في فنَّ الإصغاءِ، ذلك الفنُّ الَّذي لا يحسنُه كثيرٌ من الشَّبابِ، ولا يصبرُ عليه كثيرٌ من العقلاءِ، وإن أحسنه بعض النَّاسِ أدبًا فإنَّهم لا يحسنونه فنًّا، فالإصغاءُ أدبٌ وفنٌّ في آنٍ واحد، لافتا إلى أن عتبة تكلَّمَ وعرَّضَ بالتُّهمِ في سياقِ كلامِه عمَّا يعدُّه فرصةً طيِّبةً لصاحبِ الدَّعوةِ، وجمعَ كلَّ حُججِه وبراهينِه، وقدَّم بين يدَي عرضِه واقعًا مبالغًا فيه، في محاولةٍ تزييفٍ وإقناعٍ.

وعقَّب فضيلته بموقف رسول الله صلى الله عليه وسلم مما قاله عتبة، فاستقبل صلى الله عليه وسلم كل هذا بالإنصات والإصغاء والاهتمام والإقبال، وهذا الأدب وهذه العناية وهذا الذَّوقَ حين يقولُ، وهو الرَّسولُ المؤيَّدُ بالوحيِ: «أَقَدْ فَرَغْتَ يَا أَبَا الْوَلِيدِ؟»، «فَاسْمَعْ مِنِّي»؟ فهل نجدُ هذا الأدَب العظيمَ، والخلَق الكريمَ، في واقعِنا ومجالسِنا ومنتدياتِنا، واجتماعاتِنا العامَّةِ والخاصَّةِ؟!.

وناقش فضيلته أهمية الإصغاء في حياة كل الناس فقال إنَّ الطَّبيبَ لن يحسنَ تشخيصَ المرضِ إذا لم يحسن الاستماعَ إلى المريضِ، وإنَّ التَّاجرَ قد يخسرُ عملاءَه إذا لم يحسن الاستماعَ إلى وجهاتِ نظرِهم، وإنَّ المسئولَ قد لا يحسن توظيفَ قدراتِ موظَّفيه إذا لم يحسن اكتشافَ مواهبِهم، وأمَّا الدُّعاةُ والمصلحون الَّذين يحرصون على هدايةِ النَّاسِ، فهم أحوجُ ما يكون إلى فنِّ الإصغاءِ والاستماعِ.


ورأى وكيل الأزهر أن هذه اللِّقاءاتِ الَّتي تجمعُ الشَّبابَ، وتتيحُ الفرصةَ للاستماعِ منهم، والكلامِ إليهم ضرورةٌ؛ حتَّى يكونَ شبابُنا على معرفةٍ واعيةٍ بما يدورُ حولَهم في هذا العالمِ سريعِ التَّغيُّرِ، وأيضًا حتى نستفيدَ من رُؤيتهم، ونتفهَّمَ احتياجاتِهم، وخصوصًا تلك القضايا الحسَّاسةُ الَّتي يعملُ مرصدُ الأزهرِ الشَّريفِ على مواجهتِها، والَّتي تُعرضُ في هذا المنتدى من قِبَلِ متخصِّصين، آملين أن تَجِدَ الإشكالِّياتِ جوابًا معرفيًّا يَبُثُّ في النَّاسِ الأَمَلَ ويبعثُهم على الرُّقيِّ والحضارةِ، وهذا هو منهجُ الأزهرِ الشَّريفِ.

وبيَّن وكيل الأزهر أن الإسلامَ عقيدةٌ صافيةٌ تنيرُ قلبَ المؤمنِ، وشريعةٌ تنبضُ بما يُصلِحُ حالَ الإنسانِ في حياتِه ومعادِه، ومنظومةٌ أخلاقيَّةٌ ساميةٌ تُعطِّرُ حياةَ المجتمعِ؛ فيفوحُ منها أريجُ السَّلامِ والطُّمأنينةِ، ولقد ظلَّتِ الأمةُ الإسلاميَّةِ وشعوبُها المؤمنةُ في كلِّ بلدٍ وعصرٍ وجيلٍ متمسِّكةً بإسلامِها محافظةً على دينِها ومقدَّساتِها، معتزَّةً بقيمِها وأصالتِها عاملةً على اجتماعِ شملِها وكلمتِها واعيةً برسالتِها مقدَّرةً لمكانتِها الحضاريَّةِ بين الأممِ، فلم تنطفئ أنوارُ الإِيمانِ فيها، بل كانت الأمَّةُ الإسلاميَّةُ تتمتَّعُ دائمًا بعقولٍ مستنيرةٍ تدركُ النَّصَّ وتستوعبُ الواقعَ فتربطَ برباطٍ وثيقٍ بين الأصالةِ والمعاصرةِ، فتزدادَ الأمَّةُ إيمانًا ويقينًا بربِّها وتمسُّكًا بمبادئِ دينِها وأخلاقِه.

وحذر وكيل الأزهر الشباب من خطر المغرضين الذين يحاولون تقبيحَ الحسنِ، وتحسينَ القبيحِ، ويحاولون تشويهَ القدواتِ والإساءةَ إلى الرُّموزِ، ويحاولون تهوينَ الشَّرِّ في نفوسِكم حتَّى لا يكونَ لكم هويَّةٌ ثابتةٌ تعصمُكم وتحفظُكم، وكلنا وكل مسؤول أمين يدرك أنَّ المسئوليةَ الملقاةَ على عاتقِ مؤسَّساتِ الدِّينِ وعلمائِها كبيرةٌ في ضرورةِ قراءةِ واقعِ النَّاسِ وما فيه من تحدِّياتٍ في كلِّ مجالاتِ الحياةِ: سياسةً واقتصادًا واجتماعًا وتربيةً وغير ذلك، وضرورةِ تقديمِ خطابٍ موازٍ يقابلُ الخطابَ المنحرفَ، فيصونُ عقيدةَ النَّاسِ وإيمانَهم بربِّهم، ويحفظُ عليهم مقدَّراتِ مجتمعاتِهم، ويبقيهم آمنين مطمئنِّين.

وفي ختام كلمته، دعا وكيل الأزهر الجميع إلى التكاتف أفرادًا ومؤسَّساتٍ، شعوبًا وحكوماتٍ، أممًا ومجتمعاتٍ، كي نواجهَ هذا التَّيَّارَ الجارفَ الَّذي يُريدُ أن يَفقدَ أبناؤنا فيه هُويَّتَهم وأن يَتحلَّلوا مِن قيمِ دينِهم، وأن يتنكَّروا لمبادئهِ وقيمهِ وأخلاقهِ، وإنَّ ما يَتعرَّضُ له الشَّبابُ من استهدافٍ خطرٌ يوجبُ أن تُسخَّرَ كلُّ الإمكاناتِ لمواجهتهِ والقضاءِ عليهِ، لِمَا فيه من نتائجَ سلبيةٍ، وإنَّ واجبَ الوقتِ يحتمُ علينَا جميعًا أن نستمعَ للشَّبابِ قبل أن نتكلَّمَ معهم، فلديهم السُّؤالُ وعلينا الإجابةُ والتَّوجيهُ والنُّصحُ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.