قال فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر إن كتب الفقه بعد أن ناقشت الزواج والخطبة والطلاق في الأبواب المخصصة للأسرة ، بحثت الآثار المترتبة على عقد الزواج الصحيح ، وأن عقد الزواج في الإسلام عقد شرعي ، وليس عقدًا مدنيًا ، رغم أن العقود المدنية يمكن أن تكون شرعية ، إلا أن المفهوم المدني للعقود أصبح يعني الزواج غير الشرعي الذي لا تنطبق عليه أحكام الشريعة الإسلامية ، سواء في العلاقات الزوجية ، أو في معاملة الأبناء أو الأطفال ، وهو مفهوم لا نريد أن يقتحم بلادنا الشرقية والإسلامية . وأوضح فضيلته : أن الحقوق الزوجية من الآثار المترتبة على عقد الزواج ، وتنقسم إلى ثلاثة أقسام ، حقوق للزوجة ، وحقوق للزوج ، وحقوق مشتركة بينهما ، مشيرًا إلى أن الفقهاء أجملوا الحقوق الخاصة بالزوجة في حقين اثنين ، هما حق المهر وحق النفقة , وللزوج أيضًا حقوق ، حق الطاعة ، وحق الإقرار في البيت ، وحق القوامة ، ومن حق القوامة تتولد حقوق أخرى ، موضحًا أن آية (وقرن في بيوتكن) هي خاصة بزوجات النبي صلى الله عليه وسلم . وتابع فضيلته : أن الحقوق المشتركة بين الزوجين حقان ، هما حق حل العشرة الزوجية ، أو ما يسميه الفقهاء حل الاستمتاع ، وحق العشرة الحسنة ، وتعني أن حق الزوجة على زوجها أن يعاشرها معاشرة حسنة في حياتها ، وحق الزوج أن ترد الزوجة هذه المعاشرة الحسنة بمعاشرة حسنة أيضًا . وبين الإمام الأكبر : أن العادات والتقاليد الخاطئة أصبحت تقصر حق الاستمتاع على الزوج متى ما أراد ، وتحرم الزوجة من هذا الحق ، لكن الشرع كما أعطى هذا الحق للرجل وكلف المرأة بتلبيته ، أعطاه أيضًا للزوجة وعلى الزوج تلبيته ، ويكون ذلك في دائرة الاستطاعة أو القدرة البشرية ، وهذا معنى قوله تعالى "هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ". وأشار فضيلته : إلى أن الحق الثاني من الحقوق المشتركة ورد في الآية الكريمة (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا) ، حيث أن الشريعة الإسلامية هي الوحيدة التي تدعو الزوج عندما يشعر بالكراهية تجاه زوجته أن يتغاضى عن هذه الكراهية ، وأن ينظر إلى الجانب الحسن من زوجته ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يفرك مؤمن مؤمنة) ، أي لا يكره مؤمن مؤمنة ، فإن كره منها خلقًا رضي منها خلقًا آخر ، موضحًا أن هذه النصيحة لم تتوجه للمرأة ، فامرأة ثابت بن قيس لما ذهبت إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وقالت له (ما أعتب عليه في خلق ولا دين ولكني أكره الكفر في الإسلام) يعني أنني أكرهه وأخشى ألا أقيم حدود الله معه ، فقال لها رسول الله: أتردين عليه حديقته ، قالت: نعم ، فقال له رسول الله: اقبل الحديقة وطلقها تطليقة . كما أوضح الإمام الأكبر خلال برنامجة الرمضاني الذي المذاع يوميًا قبل الفطار على التليفزيون المصري طوال شهر رمضان المبارك ، لمناقشة عددًا من قضايا الأسرة المسلمة ، والحقوق التي أقرها الإسلام للزوج والزوجة ، وكيفية الحفاظ على الكيان الأسري كأساس لبناء مجتمع إنساني سليم : أن على الزوجة أن تفكر في أعباء زوجها الكثيرة ، وأن من حقه أن يجدها في خير حالاتها مع نفسها ومع زوجها ، وفي تنظيمها لبيتها ، وتربية الأطفال ، وهي أعباء ثقيلة أيضًا على الزوجة . وقال فضيلته : إن الزواج ميثاق غليظ ، وليس نزهة نستمر فيها إذا أعجبتنا ونتراجع عنها إذا لم تعجبنا ، لأن الأسرة مسئولية ولها بعد شرعي عميق ، فهي التي تحقق المقاصد أو الإرادة الإلهية ، كونها الوسيلة الوحيدة التي تستمر بها خلافة الإنسان لله على الأرض . مضيفًا أن الطلاق ليس مفتوحاعلى مصارعه ، وإنما له حالات محددة يستحيل الحياة معها ، وهي حالة النشوز ، وهي حالة لا يمكن علاجها ، كما أن المرأة ليست حرة في هدم البيت لمجرد أن تغضب ، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة) . مستنكرًا في ختام حديثة ما يحدث في العالم حاليًا من سن قوانين وثقافات للمثلية ، تتيح أن يتزوج الرجل الرجل وتتزوج المرأة المرأة ، وهو ما يهدد الحياة بالتوقف .