ورد إلى دار الإفتاء المصرية ، سؤالاً من زوجة تشكو من زوجها مر الشكوى ، وتقول : " زوجي تركني أنا وأولادي الثلاثة بالكامل للإهمال المعنوي والمادي منذ سنوات كأننا غير موجودين في حياته ، وقد سمح تصرفه هذا لسيئي النية أن يمنعوا أولادنا من أن يعدّوا أنفسهم ، أو يكوّنوا أنفسهم ، وأن يحرمهم من جذورهم وذكرياتهم العاطفية والعائلية ومن الحنان ، وأيضًا من أن يكون لهم مسكن وسقف يحميهم . فما حكم الدين في إهمال زوجي لي ولأولاده ؟" . قالت دار الإفتاء في ردها على هذة السائلة : إن كان الحال كما ذكرتي أختي الكريمة ، فإن هذا الرجل يكون مقصرًا من الناحية الشرعية فيما بينه وبين الله ، ومن الناحية القضائية فيما بينه وبين الخلق ؛ لعدم قيامه بما فرضه الله عليه ؛ قال تعالى: ﴿وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنًّ﴾ [النساء: 19] ، وقال تعالى: ﴿وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللهِ هُزُوًا﴾ [البقرة: 231] ، وقال تعالى: ﴿لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا﴾ [البقرة: 233] . وتابعت دار الإفتاء : فالله خلق الخلق وبناه على الاختلاف والتنوع ، وجعل خصائص ووظائف مختلفة بين البشر ؛ ليكتمل بها جميعًا مراد الله من خلقه وهو عبادته وحده ؛ قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: 56] ، وعمارة الأرض ؛ قال تعالى: ﴿هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا﴾ [هود: 61] ، وتزكية النفس ؛ قال تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا﴾ [الشمس: 9] ، وأمر الله كلا من الرجال والنساء بالقيام بما أقامهم الله فيه ؛ فمن ناحية الحقوق والواجبات قال تعالى: ﴿وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا﴾ [النساء: 32] . وأضافت دار الإفتاء : وفي ترتيب بناء الأسرة طالب الرجل بالعناية والرعاية بزوجته وأبنائه ، وهذه الرعاية والعناية تتمثل في النفقة المادية والإشراف المعنوي وحسن التربية ، وأمر المرأة برعاية زوجها وأبنائها ؛ قال تعالى: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَة﴾ [البقرة: 228] ، وهذه الدرجة هي درجة تكليف قبل أن تكون درجة تشريف ؛ قال تعالى: ﴿أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى ۞ لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللهُ لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا﴾ [الطلاق: 6-7] .