وزير العمل يشارك في اجتماع المجموعة العربية استعدادا لمؤتمر العمل الدولي بجنيف    وزير التربية والتعليم الأسبق يدعو لإنشاء مجلس أعلى للتعليم    نقيب الأطباء البيطريين يشارك في احتفالية اليوم العالمي لسلامة الغذاء    أستاذة اقتصاد: الدعم وصل لأرقام غير مسبوقة في الموازنة العامة    أحمد الخشن: موقف مصر أجبر العالم على الاعتراف بالحقوق الفلسطينية المشروعة    بدء اختبارات الأهلي للناشئين بالمحافظات غدًا    السجن المشدد 10 سنوات لسائق لحيازته بندقية آلية وذخائر بالقناطر الخيرية    سم قاتل يهدد المصريين، تحذيرات من توزيع "سمكة الأرنب" على المطاعم في شكل فيليه    «عالي عالي».. دويتو يجمع محمد رشاد وسلمى عادل | صور    الجفري: حقوق الإنسان صِيغت من وجهة نظر الثقافة الغربية    كيف منع زلزال 1992 سامية جمال من آخر ظهور إعلامي؟    جيش الاحتلال: محاولات لاعتراض مسيرة فى نهاريا فشلت ما تسبب باندلاع حريق    رئيس النيابة الإدارية يشهد حفل تكريم المستشارين المحاضرين بمركز التدريب القضائي    فرق إطفاء تحاول السيطرة على حرائق غابات شرق مدينة سان فرانسيسكو الأمريكية    مدبولى: مؤشر عدد الإناث بالهيئات القضائية يقفز إلى 3541 خلال 2023    فرص عمل للمصريين في ألمانيا.. انطلاق برنامج «بطاقة الفرص»    اتحاد منتجي الدواجن: الزيادة الحالية في الأسعار أمر معتاد في هذه الصناعة    نادي الصيد يحصد بطولة كأس مصر لسباحة الزعانف للمسافات الطويلة    موعد مباراة الأهلي والاتحاد السكندري في نهائي دوري السوبر لكرة السلة    حظك اليوم 3 يونيو 2024 لمواليد برج القوس    "بشيل فلوس من وراء زوجي ينفع أعمل بيها عمرة؟".. أمين الفتوى يرد    تكبيرات عيد الأضحى 2024.. وقتها وأفضل صيغة    «مغشوش».. هيئة الدواء تسحب مضاد حيوي شهير من الصيداليات    متى إجازة عيد الأضحى 2024 للقطاع الخاص والحكومي والبنوك في السعودية؟    التنظيم والإدارة: إتاحة الاستعلام عن نتيجة التظلم للمتقدمين لمسابقة معلم مساعد    قبل ذبح الأضحية.. أهم 6 أحكام يجب أن تعرفها يوضحها الأزهر للفتوى (صور)    بشرى وضيوف مهرجان روتردام للفيلم العربي يزورون باخرة اللاجئين    السعودية تصدر "دليل التوعية السيبرانية" لرفع مستوى الوعي بالأمن الإلكتروني لضيوف الرحمن    بعد نهاية الدوريات الخمس الكبرى.. كين يبتعد بالحذاء الذهبي.. وصلاح في مركز متأخر    فعاليات متنوعة للأطفال بالمكتبة المتنقلة ضمن أنشطة قصور الثقافة ببشاير الخير    فيلم "بنقدر ظروفك" يحتل المركز الرابع في شباك التذاكر    «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية بقرية الفرجاني في مركز بني مزار غدا    أخبار الأهلي : من هو اللاعب السعودي خالد مسعد الذي سيُشارك الأهلي في مباراة اعتزاله؟    طريقة عمل دجاج كنتاكي المقرمشة، أحلى من المطاعم    تعرف على محظورات الحج وكفارتها كما حددها النبي (فيديو)    مصر تواصل تحركاتها لتقديم المساعدات الإنسانية العاجلة إلى أهالي غزة    اللجنة العامة ل«النواب» توافق على موزانة المجلس للسنة المالية 2024 /2025    ذا هيل: تحالف كوريا الشمالية وروسيا قد يلحق ضررا ببايدن في الانتخابات الرئاسية    علاء نبيل يعدد مزايا مشروع تطوير مدربي المنتخبات    البنك التجاري الدولي يتقدم بمستندات زيادة رأسماله ل30.431 مليار جنيه    توني كروس يصل ل300 انتصار مع الريال بعد التتويج بدوري أبطال أوروبا    خاص رد قاطع من نادي الوكرة على مفاوضات ضم ديانج من الأهلي    إصابة سائق إثر حادث انقلاب سيارته فى حلوان    محمد الشيبي.. هل يصبح عنوانًا لأزمة الرياضة في مصر؟    الاحتلال الإسرائيلي يواصل قصفه قرى وبلدات جنوبي لبنان    تأجيل محاكمة المتهمين بقتل مسن في روض الفرج    وزير الإسكان ومحافظ الإسكندرية يتفقدان مشروع إنشاء محور عمر سليمان    وزير المالية: مشكلة الاقتصاد الوطني هي تكلفة التمويل داخل وخارج مصر    مفتي الجمهورية: يجوز للمقيمين في الخارج ذبح الأضحية داخل مصر    تحرير 139 مخالفة للمحلات غير الملتزمة بقرار الغلق لترشيد الكهرباء    وزيرة التخطيط ل«النواب»: نستهدف إنشاء فصول جديدة لتقليل الكثافة إلى 30 طالبا في 2030    أمناء الحوار الوطني يعلنون دعمهم ومساندتهم الموقف المصري بشأن القضية الفلسطينية    توريد 125 طن قمح لمطحن الطارق بجنوب سيناء    حفر 30 بئرًا جوفية وتنفيذ سدَّين لحصاد الأمطار.. تفاصيل لقاء وزير الري سفيرَ تنزانيا بالقاهرة    غرفة الرعاية الصحية: القطاع الخاص يشارك في صياغة قانون المنشآت    غرفة عمليات «طيبة التكنولوجية»: امتحانات نهاية العام دون شكاوى من الطلاب    تحرير أكثر من 300 محضر لمخالفات في الأسواق والمخابز خلال حملات تموينية في بني سويف    لتحسين أداء الطلاب.. ماذا قال وزير التعليم عن الثانوية العامة الجديدة؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أكبر جريمة نهب للمال العام فى تاريخ مصر
نشر في أكتوبر يوم 24 - 04 - 2011

المال السايب يعلم السرقة.. وإذا كان هذا المال حصيلة إتاوات ورسوم وغرامات مجحفة على المواطن الغلبان فإن الأمر يتحول إلى سرقة بالإكراه يعاقب عليها القانون بالسجن المشدد، فالنظام البائد لم يترك فى جعبته حيلة للنصب ومص دم الغلابة إلا استفاد منها، وكانت أبشع تلك الحيل ما يطلق عليها الصناديق والحسابات الخاصة للمؤسسات والهيئات والتى تقدر ب 1.3 تريليون جنيه غير خاضعة للرقابة ويتم استغلالها فى صرف المكافآت والحوافز وتجهيز المكاتب الفاخرة وشراء السيارات الفارهة ونشر التهانى والتعازى فى الصحف، مما يمثل إحدى حلقات مسلسل الإفساد المنظم الذى تعرضت له مصر خلال العقود الثلاثة الأخيرة.
فوفقا للمادة (20) من القانون رقم (53) لسنة 1973 وتعديلاته، يجوز بقرار من رئيس الجمهورية إنشاء صناديق تخصص لها موارد معينة لاستخدامات محددة، ويكون له موازنة خاصة، وتنشأ خارج الموازنة العامة للدولة، وتتبع الجهات الإدارية المختلفة سواء الجهاز الإدارى أو الإدارة المحلية أو الهيئات العامة الخدمية والاقتصادية وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة، التى تعد من الجهات الإدارية كالجامعات وخلافه.
لعبة القط والفأر
وزاد الطين بلة أنه عندما بدأ تفعيل هذا النص القانونى بإنشاء الصناديق ضرب القائمون عليها عرض الحائط بالقانون الذى يحظر على هذه الصناديق فتح حسابات لها خارج البنك المركزى، حيث فتحت الحسابات وبدأت لعبة القط والفأر بين هذه الصناديق والجهات الرقابية، فالصناديق تتفانى فى جمع المال لإنفاقه فيما لا تنص عليه اللوائح الأساسية لها، لتبذل الجهات الرقابية جهوداً مضنية لكشف المخالفات، لكن الحكومة تهمل توصيات هذه التقارير لكونها مستفيدة.
وعندما جاء د. مدحت حسانين وزيرا للمالية وكله رغبة فى الإصلاح والتطهير، وقرر الوقوف فى وجه المخالفات الفجة لهذه الصناديق كانت النتيجة خروجا سريعا من الوزارة، لأنه أراد غلق الباب الخفى لثراء كبار المسئولين فى دولة النظام البائد، فالإيرادات فى هذه الكيانات بالمليارات، والإنفاق منها بدون رابط أو رقيب، وكما يقول المثل «المال السايب يعلم السرقة»، فأرصدة الصناديق الخاصة بوزارة الداخلية وحدها تربو عن 2 مليار جنيه، كان الصرف منها بمعرفة حبيب العادلى وزير الداخلية الأسبق ومساعديه، بدون لوائح معتمدة من وزارة المالية ودون رقابة من قبل وزارة المالية والجهاز المركزى للمحاسبات.
نعم، تمثل هذه الصناديق الخاصة أحد مبتكرات النهب الرسمي، التى تعد بمثابة أوعية موازية تتبع الوزارات أو الهيئات العامة، لتستقبل حصيلة الخدمات والدمغات والغرامات وغير ذلك من الموارد لتحسين الخدمات، التى تقدمها الهيئات العامة، لكن تلك الحصيلة لا تدخل إلى خزانة الدولة ولا علاقة للموازنة العامة بها، ومن ثم فلا تعرض تفاصيلها على مجلس الشعب، وذلك رغم خضوعها المفترض لرقابة الجهاز المركزى للمحاسبات، و أمثلة لحصيلة هذه الصناديق ما يتم تحصيله من رسوم مواقف السيارات العامة، ورسوم الزيارات فى المستشفيات الحكومية ومصاريف استخراج بطاقة الرقم القومى أو رخصة القيادة أو رخصة البناء أو ترخيص السيارة أو غير ذلك من مصروفات ورسوم الخدمات.
وبدوره اعتاد الجهاز المركزى للمحاسبات الكشف عن مخالفات هذه الصناديق الخاصة فى كل ما يصدر عنه من تقارير حول الحسابات الختامية، ففى التقرير الصادر حول الحسابات الختامية عن السنة المالية 2003/2004 انتقد الجهاز التوسع فى إنشاء هذه الصناديق فى نهاية يونيو 2004 بلغ نحو 4.4 مليار جنيه.
وأشار التقرير إلى أن هذه الصناديق تستخدم جانبا كبيرا من أموالها فى غير الأغراض، التى أنشئت من أجلها، وذلك بالمخالفة لأحكام القوانين والقرارات الصادرة فى هذا الشأن، موضحا أن الجانب الأعظم من الإنفاق يذهب إلى تأثيث مكاتب القيادات، وتجهيز قاعات الاحتفالات، إضافة إلى المصروفات المتعلقة بالدعاية والإعلان، والعلاقات العامة ونشر التهانى والتعازى بالصحف، وبالتأكيد صرف المكافآت،رافضاً قيام الصناديق بتجنيب القدر الأكبر من أموال هذه الصناديق فى صورة ودائع بالبنوك التجارية أو منح بعض الجهات قروضاً وسلفاً وإعانات دون اتخاذ الإجراءات اللازمة لتحصيلها.
سرى للغاية
وفى تقريره عن الحساب الختامى لموازنة الجهاز الإدارى للدولة عن العام المالى 2008/2009، كشف المركزى للمحاسبات أن جملة أرصدة الحسابات الجارية الخاصة بجانب الخصوم بالميزانية العمومية لحسابات الخزانة العامة فى 30 يونيو 2009 نحو تريليون و272 مليار جنيه، متضمنة نحو 334.6 مليار جنيه بحسابى الأموال المخصصة على ذمة عمليات وجهات دائنة خاصة.
وشدد على أن وجود هذه الأموال خارج الموازنة يعد مخالفة لقانون الموازنة العامة للدولة، وأنه من المبادئ الأساسية فى إعداد وتنفيذ الموازنة مبدأ «شمول وعمومية الموازنة» بمعنى أن تشتمل الموازنة وحسابها الختامى على كافة الموارد أيا كان مصدرها، وكافة أوجه الاستخدامات أيا كان الغرض منها بهدف إظهار كافة المعلومات لصانعى القرار وواضعى السياسات المالية لإحكام توزيع الموارد المالية على أوجه الإنفاق المطلوبة.
وذكر الجهاز المركزى فى هذا التقرير الذى يحمل عبارة «سرى جدا» فى صفحة (197) خروج بعض الصناديق والحسابات الخاصة عن الضوابط التى تحكم إنشاءها، وعدم تحقيق الكثير منها للأهداف المنشأة من أجلها، وعدم إحكام الرقابة على مصروفات العديد منها والصرف من أموالها فى غير أغراضها، مؤكدا أن إجمالى ما أمكن حصره من مخالفات بهذه الصناديق خلال العام قرابة 4 مليارات جنيه، بخلاف ما يصرف لأعضاء مجالس إدارات هذه الصناديق بموجب قرارات إنشائها ولوائحها من مكافآت تصل إلى عشرات المليارات.
أما تقرير المحاسبات الصادر فى فبراير2011، فأكد أن إجمالى عدد ما أمكن حصره من الصناديق والحسابات الخاصة والوحدات ذات الطابع الخاص بلغ 6368 صندوقا، بإجمالى إيرادات خلال العام المالى 2009/2010 تقرب من 21 مليار جنيه، تم إنفاق نحو 15 ملياراً منها، وليتبقى فائض مرحل فى نهاية يونيو 2010 يقدر بنحو 12 مليار جنيه،مشيراً إلى أن جملة أرصدة الصناديق هذه بالبنك المركزى المصرى «الحساب الموحد» نحو 12 مليار جنيه، ونحو 270 مليون جنيه بالبنوك التجارية، وأنه من خلال الفحص تبين جملة ما أمكن حصره من الآثار المالية المترتبة على تلك الملاحظات نحو 8.7 مليار جنيه تم إنفاقها بشكل غير قانونى.
فيما بلغ إجمالى إيرادات هذه الصناديق والحسابات الخاصة خلال العام المالى 2009/2010، وفقا لتقرير صادر عن البنك المركزى مؤخرا حول الحسابات التى أمكن حصرها بالحساب الموحد بالبنك المركزى بالعملة المحلية فقط، نحو 88.2 مليار جنيه، تم إنفاق 61.4 مليار منها وتبقى فوائض تقدر بنحو 26.8 مليار 61.446 مليار جنيه وبلغت فوائضها 26.785 مليار جنيه، فضلا عن أرصدة بعملات أجنبية ل616 صندوقا بالبنك تقدر بنحو 2.5 مليار دولار أمريكى، و90 مليون دينار كويتى، و99 مليون جنيه استرلينى.
وكشف تقرير المركزى أنه فى 30 يونيو 2010 بلغ عدد الحسابات الخاصة بوحدات الجهاز الإدارى 783 حسابا تحتوى على 8.7 مليار جنيه، فيما بلغ عدد حسابات وحدات الهيئات الاقتصادية 115 تحتوى على 3 مليارات جنيه، فضلا عن 1269 حسابا لوحدات الإدارة المحلية تحتوى على 7.6 مليار جنيه، أما الهيئات الخدمية فبلغ عدد حساباتها 276 حساباً بلغت أرصدتها 3.5 مليار جنيه، وكانت هذه الهيئات من أعلى الجهات فى تحصيل وصرف الحسابات حيث حصلت فى عام 2009/2010 ما يقرب من 26.5 مليار جنيه فى حين تعدى ما قامت بصرفه 27 مليارا.
انتهاك القانون
هكذا يتضح جليا أن فتح هذا الملف للنقاش أمر ضرورى للغاية لما به من مخالفات وانتهاك للقانون يضيع على الدولة مليارات الجنيهات، التى تذهب خلسة إلى جيوب الفاسدين، وربما يكون ذلك ما يفسر حالة التطور السرطانى الرهيب لقيمة إيرادات ومصروفات وأرصدة تلك الحسابات الخاصة، فهؤلاء اللصوص أثقلوا على المواطنين بالتفنن فى زيادة تكلفة شتى الخدمات العامة، لما سيترتب على ذلك من زيادات كبيرة فى إيرادات الصناديق الخاصة، ومن ثم زيادة القدرة على تحقيق المزيد من الثراء الفاحش.
وأمام هذا الإفساد، سارعت وزارة المالية بالتقدم بمذكرة لرئيس مجلس الوزراء للموافقة على ضم أموال هذه الحسابات والصناديق الخاصة للسماح باستخدام ما لديها من أرصدة لتمويل الاحتياجات المتزايدة لصرف التعويضات المستحقة، وتوفير موارد إضافية للدولة فى ظل انخفاض الإيرادات العامة.
وأفادت المذكرة أن الوزارة سوف توظف مليارات الصناديق الخاصة فى تثبيت العمالة المؤقتة وإصلاح أقسام الشرطة وغيرها من الإصلاحات، التى سيتم تنفيذها فضلاً عن بدء صرف التعويضات للمتضررين، خاصة أن القوانين أجازت لعدد من الجهات إنشاء الصناديق والحسابات الخاصة والوحدات ذات الطابع الخاص، ويخصص لها موارد لاستخدامات محددة، وتكون لها موازنات خاصة ولم تفلح المحاولات السابقة فى استخدام تلك المخصصات إلا أنها باءت بالفشل.
وأوضحت المذكرة أن تقارير متابعة أداء هذه الصناديق تؤكد وجود تجاوزات جمة بشأن تحميل المصروفات بمبالغ كبيرة دون مبرر تمثل قيمة غرامات تأخير وقيمة مكافآت صرفت دون وجه حق لبعض العاملين فضلاً عن تكلفة إعلانات عن إعادة طرح مزايدة ملغاة كان يتعين تحميلها للمتعهد لعدم التزامه بشروط المزايدة، علاوة على وجود مخالفات مالية كبيرة خاصة المتعلق منها بصرف مبالغ فى غير الأغراض المخصصة لها تتمثل فى نشر تهانى وتعازى وحفلات وإيجار ملاعب رياضية، وسيارات ومصاريف طبع رسائل ماجستير، وصرف مكافآت وحوافز إثابة بالتكرار أو دون وجه حق أو بالزيادة عن المبالغ المقررة.
استجواب حكومة نظيف
من جانبه أكد المهندس أشرف بدرالدين العضو السابق بلجنة الخطة والموازنة بمجلس الشعب أنه فى الوقت الذى أجاز فيه القانون 53 لسنة 1973 إنشاء صناديق خاصة فى الأحوال الضرورية باعتبارات معينة لتحقيق أهداف محددة، صدر أيضا القانون 105 لسنة 1992 المعدل لأحكام القانون 127 لسنة 1981 بشأن المحاسبة الحكومية، ليقضى بخضوع هذه الصناديق لرقابة وزارة المالية قبل الصرف، كما صدر القانون 139 لسنة 2006 بتعديل أحكام قانون المحاسبة الحكومية، الذى ألزم بإنشاء حساب الخزانة الموحد بالبنك المركزى يشمل جميع حسابات وزارة المالية ووحدات الموازنة العامة للدولة والحسابات المتنوعة ذات الأرصدة وما يحدده وزير المالية من حسابات.
وقال النائب بدرالدين -الذى سبق له أن تقدم باستجواب لحكومة د. نظيف فى مارس 2010 حول مخالفات الصناديق الخاصة- أن قانون المحاسبة القانونية اعتمد على أحد أهم المبادئ الأساسية فى إعداد الموازنة وحسابها الختامى، وهو أن تشتمل على كافة الموارد أيا كان مصدرها وكافة أوجه الاستخدامات أيا كان الغرض منها بهدف إظهار كافة المعلومات لصانعى القرار وواضعى السياسات المالية لأحكام توزيع الموارد المالية على أوجه الانفاق المطلوب، وأنه على الرغم من صدور هذه القوانين، إلا أن تجاوزات القائمين على الصناديق أهدرت هذه الأموال.
وأكد أن الإفراط فى الإنفاق على ما لا يفيد فى هذه الصناديق قابله تهرب من سداد النسبة المقررة من أموال بعض الصناديق إلى ايرادات الموازنة العامة للدولة، لافتا إلى أن الأمر وصل للدرجة التى احتفظ معها بعض المسئولين الماليين ببعض المبالغ دون توريدها، أو عدم الاستفادة من التبرعات المحصلة أو الأموال المتاحة ببعض الصناديق فى تحقيق الأغراض المنشأة من أجلها بالمخالفة للقانون 53 لسنة 1973 بشأن الموازنة العامة للدولة والقرارات الجمهورية والقانون 43 لسنة 79 بشأن نظام الإدارة المحلية.
وطالب أشرف بدرالدين مجلس الوزراء بضرورة مد يد العون لوزارة المالية لكى تضطلع بدورها الرقابى على هذه الصناديق التى تمتلك من الأرصدة ما يمكن الاقتصاد المصرى من الخروج الآمن من المأزق الذى يمر به الآن، موضحا أنه من الضرورى استغلال حالة الثورة ضد الفساد لمنع ما يحدث من إهدار المال العام، الذى ينتج عن تعمد بقاء خمسة أضعاف الموارد العامة للدولة خارج الموازنة، والذى أدى بدوره الى مضاعفة أرقام العجز بالموازنة ووصول حجم الدين العام المحلى والخارجى الى ما يوازى 100% من الناتج المحلى الإجمالى.
نهب المال العام
فيما قال د. عادل عامر أستاذ التشريعات المالية بجامعة المنصورة: لقد صعقت عندما رأيت تقرير لجنة الخطة والموازنة بمجلس الشعب، عن الحساب الختامى للموازنة العامة للدولة عن العام المالى 2008/2009، ورأيت من خلاله أكبر جريمة نهب للمال العام فى تاريخ مصر، بل فى تاريخ البشرية، فإنه من مبادئ إعداد الموازنات فى العالم كله مبدأ الشمول؛ أى أن موازنة الدولة يجب أن تشتمل على كل الإيرادات العامة وكل النفقات العامة، لكنَّ هذا المبدأ مهدر، ولا وجود له فى الموازنة المصرية؛ لأن أموال الصناديق والحسابات الخاصة
لا تدخل ضمن الموازنة.
وأضاف أنه لكى يتم التعرف على حجم هذه الجريمة، التى ترتكب فى حق هذا الشعب منذ عشرات السنين؛ لا بد من المقارنة بين حجم الموازنة العامة وحجم الأموال فى هذه الصناديق والحسابات الخاصة، التى أجاز القانون إنشاءها للضرورة وباعتبارات معينة لتحقيق أهداف محددة، مشيرا إلى أنه فى الوقت الذى يبلغ فيه عجز الموازنة فى موازنة العام المالى 2008/2009 نحو 90 مليار جنيه، تبلغ جملة أرصدة الحسابات الجارية الخاصة فى نفس العام مبلغ 1272 مليار جنيه أى أن هذا المبلغ يفوق إجمالى الناتج المحلى الإجمالي، ويساوى 446% من إجمالى إيرادات الموازنة العامة و14 ضعف عجز الموازنة.
وشدد على أن الأزمة تكمن - وفقا لتقرير الجهاز المركزى للمحاسبات- فى أن الجانب الأعظم من هذه المليارات يتم إهدارها فى نشر وإعلان تهانى وتعازى ومكافآت لبعض العاملين المنتدبين من جهات أمنية وسيادية أو تجهيز قاعات ومكاتب وشراء أراضٍ أو تم صرف كامل حصيلة بعض الصناديق كمكافآت دون الصرف على بقية أغراض الصندوق، لافتا إلى أن الأمثلة على ذلك
لا تعد ولا تحصى سواء فى صناديق المحافظات أو الوزارات أو الهيئات الخدمية العامة.
وأوضح عامر أن الكشف عن أرصدة وحسابات هذه الصناديق أجاب عن مصادر المكافآت المليوينة التى طالما تساءل المصريون عن مصدرها، وربما تكون هذه المكافآت والحوافز الخيالية هى الدافع وراء حرص الحكومة على وجود هذه الصناديق والحسابات خارج الموازنة حتى تبقى بابا خلفيا ضمن أبواب النهب المنظم والمتعمد لمقدرات الوطن، مطالبا بضرورة إعادة النظر لهذه الكيانات التى ملأ القائمون عليها الأرض فسادا، ولتكون أرصدة وأموال هذه الصناديق فرصة أخيرة لعلاج الأمراض المزمنة التى يعانيها الاقتصاد المصرى.
أغنى من الدولة
وأكد د. فرج عبدالفتاح استاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة أن الصناديق الخاصة أمر جديد على الاقتصاد المصرى والغريب فيها أن التى تبناها الجهات الحكومية فأيًّا
ما كان تمويل هذه الصناديق فإن وجودها خارج نطاق الموازنة العامة للدولة يمثل خطأ قانونياً فادحاً، ويخل بمبادئ إعداد الموازنة العامة للدولة.
وأشار إلى أن هذه الصناديق تمتلك أموالا تفوق الموازنة العامة الأمر الذى يترتب عليه نتيجة مهمة وهى أننا أمام مؤسستين إحداهما الدولة وموازنتها العامة بما عليها من قيود قانونية ورقابية ومؤسسة أخرى غير رسمية وتمتلك هذه الصناديق وتديرها دون رقابة أو قواعد مالية منضبطة وبالتالى فتمثل هذه الصناديق بابا للفساد.
وقال د. عبدالفتاح إن وزارة المالية مطالبة بأن تسارع بالعودة إلى القواعد القانونية الخاصة بمبادئ اعداد الموازنة العامة وأهمها مبدأ وحدة الموازنة وأن انضباط هذا الأمر سيجعل من الموازنة العامة فى مصر شكلا آخر بخلاف الشكل المتوارث منذ عشرين عاما تقريبا.
وأضاف أنه فى هذه الحالة يمكن اختفاء عجز الموازنة العامة وترشيد الانفاق العام وانضباطه لذلك نأمل أن نرى ذلك فى مشروع الموازنة العامة الجديد الذى تعده حكومة الدكتور عصام شرف رغم أنها حكومة تسيير أعمال، خاصة أن هذه الصناديق تحتوى على أموال ضخمة وصلت فى بعض التقديرات إلى تريليون جنيه.
5 مليارات تعويضا
ويرى د. حمدى عبدالعظيم استاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الادارية ضرورة أن تقوم وزارة المالية بتجميع إيرادات الدولة، خاصة الصناديق الخاصة التى تتبع الوزارات والهيئات والمحافظات، لأن هذه الصناديق تتلقى إيرادات مالية ضخمة من المواطنين عن طريق تذاكر مواقف السيارات وتجديد الرخص والمخالفات والغرامات وتذاكر المستشفيات والمصايف الإدارية والدمغات المدفوعة للحصول على رخصة قيادة ودفعات توصيل عداد كهرباء وعداد مياه وبالتالى فتشمل إيرادات هذه الصناديق على كل ما يدفع داخل الهيئات الحكومية وهذه الموارد لا تدخل فى الموازنة العامة للدولة، وبالتالى فلا تستطيع وزارة المالية أن تستخدمها أو توافق على الصرف منها على إلا بنسبة معينة.
ويوضح أن وزارة المالية استفادت بالفعل فى تلك الأزمة بعد أحداث ثورة 25 يناير بتلك الصناديق حيث أخذت 5 مليارات من هذه الصناديق لدفع التعويضات لمن تعرض لمكروه فى الثورة وكذلك لإعانة البطالة وكانت هناك مطالبات من وزراء مالية سابقين بتحديد حجم هذه الأموال وردها إلى الخزانة العامة للدولة لتكون خاضعة لوزارة المالية وإذا أرادت هيئة ما أو وزارة استخدام هذه الموارد يكون عن طريق موافقة وزارة المالية مع تحديد مبلغ يصرف مع بداية السنة المالية كما يقوم الجهاز المركزى للمحاسبات بدور رقابى على تلك الأموال.
ويصف كل ما أعلن من تقديرات بخصوص هذه الحسابات التى أوصلتها لقرابة 1.3 تريليون جنيه هى تقديرات مبالغ فيها وإن كانت المؤشرات تذهب فى مجملها إلى أن هذه الصناديق والحسابات يوجد بها ما لا يقل عن 500 مليار جنيه، وبالتالى فإن استغلال هذه الأموال يعنى اختفاء عجز الموازنة وزيادة الانفاق الاستثمارى للدولة بما يعنيه ذلك من زيادة فى معدلات التشغيل وزيادة النمو وتقليل وطأة البطالة لأن هذه الزيادة فى الاستثمارات سوف يتولد عنها بالضرورة المزيد من فرص العمل بل من الممكن أيضا أن تترجم هذه المليارات إلى مزيد من الاهتمام بقطاعات الصحة والتعليم بدون الضغط على الموازنة العامة بل ربما يترتب عليها بمضى الوقت تراجع معدلات الدين العام التى زادت على تريليون جنيه.
ويقترح أن يكون هناك وحدات خاصة بالمشروعات والكيانات الكبرى التابعة للدولة يتم تمويلها ذاتيا للقيام بعمل عدد من المشروعات التى يحتاج إليها الاقتصاد المصرى مثل المشروعات البيئية والتكنولوجية وغيرها من المشروعات التى يحتاج الاقتصاد إلى التوسع فى انشائها.
أنشطة غير قانونية
فيما يؤكد أحمد السيد النجار رئيس وحدة الدراسات الاقتصادية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أنه فى ظل النظام البائد كانت هناك أبواب خلفية أدت إلى تضخم الدخول فى الدولة لتصبح أسطورية ومنها «الصناديق الخاصة»، التى أنشأتها الوزارات والمحافظات والهيئات الحكومية كالجامعات والمراكز القومية للأبحاث وخلافه لتتولى بدورها تحصيل رسوم وإتاوات غير قانونية من المواطنين والمحال وأصحاب الأنشطة ومقابل خدمات النظافة وإشغالات الطرق ومخالفات البناء ومخالفات السيارات والدمغات على الأوراق.
ويوضح النجار أن قيام المحافظات بترحيل الفوائض المتبقية من الميزانية فى نهاية العام إلى حسابات خاصة تحت سلطة المحافظين يتم الصرف منها بمعرفتهم على الحفلات والدعاية ومكافآت كبار المسئولين بدلا من إعادة هذا الفائض لوزارة المالية وهذا مصدر آخر لدخول فاسدة وإهدار للمال العام بلا مبرر، وأن ضباط المباحث والمرور أيضا يحصلون على مكافآت من الأحياء والهيئات الواقعة فى نطاق عملهم وهى دخول غير مشروعة فضلا عن أنها تخلق تعارض المصالح ويؤدى إلى ضعف أو انعدام فعالية دورهم الرقابى والتنفيذى للقانون إزاء الجهات التى يحصلون على دخول منها.
محاولة فاشلة
ويرى د. أشرف العربى الخبير فى المعهد القومى للتخطيط أن إنشاء هذه الصناديق يعود لعدة عقود مضت عندما فكرت الحكومة فى آلية يمكن من خلالها تحسين مستوى الخدمات التى تؤديها الإدارات الحكومية والوحدات المحلية والهيئات الخدمية والاقتصادية وغيرها من الشخصيات الاعتبارية التابعة للدولة، إلا أنه بمرور الوقت فقدت هذه الصناديق دورها كآلية لتحسين الخدمات، وتحولت هذه الصناديق إلى كيانات تتولى جباية الأموال من المتعاملين معها من المواطنين لتقوم بدورها بتوزيعها على العاملين كمحاولة لمعالجة الخلل فى هياكل الأجور.
وقال العربى إن مواجهة مثل هذه المشكلات التى يعانيها الاقتصاد المصرى أمر يحتاج إلى تدخل جاد من قبل القائمين على السياسات الاقتصادية لوضع حلول جذرية قاطعة بدون تراجع؛ لأن الأمر لا يحتمل التأجيل، فإنه بغض النظر عن إجمالى الأرصدة التى تمتلكها هذه الصناديق فلابد من إخضاعها للموازنة العامة كونها جهة إيرادية، وبالتالى فإن تحقيق مبدأ شمولية الموازنة يقتضى ادخال هذه الكيانات ضمن الموازنة العامة للدولة.
وأضاف أن الغريب فى الأمر هو تباين الأرقام المعلنة فى هذا السياق، حيث إنه فى الوقت الذى يحظر القانون على هذه الصناديق التعامل على حسابات مصرفية فى البنوك التجارية إلا أن التقارير الرقابية تعلنها بدون مواربة، حيث هناك الكثير من الصناديق التى مازالت تتعامل على حسابات مصرفية بالبنوك التجارية، ليس هذا فحسب بل الأغرب من ذلك أنه لا يوجد حصر واضح لعدد هذه الصناديق مما يثير العديد من التساؤلات، مطالبا الحكومة بضرورة تشديد الرقابة على هذه الصناديق.
سيناريوهات الحل
ويصف د. إسماعيل شلبى الرئيس الأسبق لرئيس هيئة سوق المال الدور الذى تقوم به هذه الصناديق بالعبث فى مقدرات الاقتصاد المصرى لكونها تستولى على جانب مهم للغاية من السيولة لتقوم بصرفه على تنظيم المؤتمرات وصرف الحوافز والمكافآت وتجهيز المكاتب الفاخرة وشراء السيارات الفارهة ونشر التهانى والتعازى فى الصحف، مما يترتب عليه ضرر بالغ بمنظومة الاقتصاد لتسرب هذه السيولة إلى قنوات الفساد والنهب المنظم.
وأكد أن الغريب فى هذا الأمر أن الجهاز المركزى للمحاسبات كشف منذ سنوات طويلة عن حجم الفساد الذى يمارس فى هذه الصناديق ورغم ذلك تركت تمارس عملها بدون أدنى تدخل يذكر إلى الآن، وربما يدلل ذلك على أن كبار المسئولين كانوا يجدون ضالتهم فى هذه الكيانات التى مارست أقسى أنواع الظلم على المواطن الذى وجد نفسه مطالبا برسوم ومصروفات كبيرة فى كل تعامل له مع الحكومة.
وشدد د. شلبى على أن إلغاء هذه الصناديق أمر غير مطلوب لكن التدخل للكشف عن حساباتها وأرصدتها ومحاسبة المسئولين عن ارتكاب المخالفات بها ووضع آليات واضحة ومحددة تحسن توظيف ما يوجد بهذه الصناديق من أموال لزيادة السيولة الحكومية الموجهة للاستثمارات وللحد من العجز المتزايد فى عجز الموازنة للبدء فى تنفيذ سياسات اقتصادية تستهدف زيادة الانتاج بزيادة التشغيل، فلا يليق أبدا أن تستفيد الخزانة العامة بعدة ملايين من إجمالى أرصدة تفوق المليار يتم تحصيلها لأحد الصناديق التابعة لوزارة الداخلية.
أما الدكتورة عالية المهدى عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة فترى أن الصناديق الخاصة عبارة عن حسابات عادية ليس من حق أحد أن يستخدمها فدورها الإنفاق على المشروعات الخاصة فى المحافظات والمراكز البحثية فى الجامعات على سبيل المثال وهذا ينطبق على كل الوزارات والهيئات الأخرى التى تحتوى على صناديق خاصة بها اموال.
وقالت المهدى إن هناك بدائل أخرى يمكن اللجوء إليها فى حالة الوصول إلى أزمة اقتصادية أو خط أحمر وهى الاقتراض فلماذا لا نقترض مبلغاً لحين الخروج من الأزمة؟!.. هذا بالإضافة إلى أن هناك احتياطيًا نقديًا دولى وهناك أيضا حل آخر وهو رفع الضرائب مع مراعاة اختيار التوقيت المناسب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.