في الوقت الذي لم تستطع فيه الأردن أو أي دولة عربية وقف العدوان الصهيوني على الشعب الفلسطيني الأعزل، وتركت أعتى القوى والأسلحة العالمية تدك أطفال غزة وشيوخها ونساءها، بلا رادع، شاركت الأردن بطائراتها ومنظوماتها الجوية والدفاعية في صد هجوم الطائرات الإيرانية المسيرة والصواريخ قبل أن تصل إلى إسرائيل، وهو ما أثار ذهول العالم، ولكن الأمر لم يقتصر على الأردن فقط، بل طال العديد من الدول العربية، كالإمارات والسعودية الذين شاركا في صد الهجوم الإيراني، بجانب أدوار أخرى لمصر، بالدعم اللوجستي والمعلوماتي مع إسرائيل. وفي هذا السياق، كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن دور قدمته السعودية والإمارات، ضمن التحالف المشترك للتصدي للهجوم الإيراني على الاحتلال الإسرائيلي ليلة السبت الماضي. وقالت الصحيفة: إنه "بغض النظر عن مدى كره دول المنطقة لنتنياهو، فإنها تكره إيران أكثر، وإن السعودية والإمارات ساعدتا تل أبيب في التصدي للهجوم الإيراني، من خلال فتح مجالهما الجوي أمام الطائرات الإسرائيلية والأمريكية. وأشارت إلى أن الرياض وأبوظبي تبادلتا معلومات استخباراتية حيوية بشأن الهجوم الإيراني، رغم استيائهما من تل أبيب، بسبب حربها على قطاع غزة وقتلها المدنيين. وذكرت أن الأردن وشركاء آخرين ساعدوا تل أبيب في صد الصواريخ والطائرات المسيرة الإيرانية، مبينة أن الدور الحيوي الذي لعبه هؤلاء الشركاء العرب إلى جانب الولاياتالمتحدة، يتمثل في توفير المعلومات الاستخباراتية، وفتح مجالهم الجوي، وفي حالة الأردن إسقاط الأسلحة الإيرانية بشكل فعلي. ولفتت الصحيفة إلى أن إيران أطلعت جيرانها في دول الخليج على هيكل وتوقيت الهجوم قبل يومين من تنفيذه، بما فيها السعودية، لكي يتمكنوا من تأمين مجالهم الجوي، لكن الرياض نقلت المعلومات إلى واشنطن، وكانت بمثابة إنذار مسبق حاسم لإسرائيل والولاياتالمتحدة. وذكرت أنه منذ لحظة إطلاق الطائرات بدون طيار والصواريخ من إيران، رصدتها الرادارات في دول الخليج المرتبطة بمركز عمليات القيادة المركزية الموجود في قطر، ونقلت المعلومات إلى الطائرات المقاتلة التي كانت على أهبة الاستعداد في المجال الجوي لإيران. وتابعت: "عندما وصلت الطائرات الإيرانية بدون طيار إلى المنطقة، تم إسقاطها في الغالب من قبل إسرائيل والولاياتالمتحدة، وبأعداد أقل من قبل بريطانيا وفرنسا والأردن". لأول مرة بالتاريخ وأوضح هيرست في مقال ب"ميدل إيست آي"، أن "الشيء الأكثر غباء الذي فعلته مصادر أمنية إسرائيلية يوم الأحد، هو التبجح علناً بشأن التعاون الذي حصلت عليه من سلاح الجو الأردني الذي ساعدها على إسقاط الطائرات بدون طيار وصواريخ كروز". وتفاخرت مصادر عبرية بأنه تم اعتراض صواريخ متجهة إلى القدس على الجانب الأردني من غور الأردن، وأخرى بالقرب من الحدود السورية. وتابع هيرست أن "الرسالة التي أرادت إسرائيل إيصالها هي أنه على الرغم من الأمر الظاهر، فإن لإسرائيل حلفاء في المنطقة مستعدون للدفاع عنها". وعلق هيرست: "لكن هذه لعبة حمقاء إذا أرادت إسرائيل الحفاظ على النظام الملكي الأردني الضعيف، ومحاربة تيار الرأي العام الراغب في اقتحام الحدود". وأوضح: "ربما كان الأردن صاحب وجهين في الماضي، وقد قام الملك حسين بتمرير معلومات استخباراتية إلى صديقه الذي يدخن السيجار، رئيس الوزراء السابق الراحل إسحاق رابين". وأردف: "لكن هذه هي المرة الأولى التي أتذكر فيها أن الجيش الأردني، الذي لا يزال يحمل اسمه الأصلي منذ وقت التحرير من الإمبراطورية العثمانية باسم الجيش العربي، انضم بالفعل إلى القتال لحماية حدود إسرائيل، وهذا خطأ كبير". وتحدث هيرست عن التباين في الموقفين الشعبي والرسمي، قائلا: إنه "وبينما كان سكان الأردن، سواء من الفلسطينيين أو الأردنيين من الضفة الشرقية، يهتفون لتلك الصواريخ ويتمنون وصولها لأهدافها، قام الجيش الأردني بإسقاطها نيابة عن إسرائيل". وقال هيرست: إن "إسرائيل لا تقيم علاقات إلا مع القادة العرب الذين يتحدون إرادة شعوبهم ويفرضون عليها حكمهم الفاسد، قد يمنح التحرك الأردني يوم السبت نجاحا على المدى القصير لإسرائيل، لكنه على المدى الطويل يسبب مشاكل على طول حدود إسرائيل". وخلص هيرست إلى أن الاحتلال الإسرائيلي ربما يحتفل بحقيقة أن لديه حلفاء حقيقيين، لكنه بذلك يقوض شرعية أصدقائه بشكل قاتل. يشار إلى أن الأردن شارك بشكل علني في صد الهجمات الإيرانية الأولى من نوعها على الاحتلال الإسرائيلي، فيما ذكرت صحف إسرائيلية أن عمان سمحت لتل أبيب باستخدام أجوائها أيضا في صد الصواريخ والمسيّرات الإيرانية. ويأتي الموقف العربي المخزي، ليدلل عن مدى اهتزاز البوصلة العربية والولاءات السياسية، التي لا تراعي حجم المأساة في غزة وفلسطين، دون تدخل فعلي من تلك الدول العربية. وسبق أن أعلن عبد الفتاح السيسي قائد الانقلاب العسكري في مصر، على دعمه وحماية الأمن الإسرائيلي، وإنه لن يسمح لأي أحد أن يهدد أمن وسلامة المواطن الإسرائيلي. وشنت إيران أول هجوم عسكري مباشر في تاريخها على الاحتلال الإسرائيلي في 13 أبريل 2024، وأطلقت عليه اسم الوعد الصادق. وأعلنت إيران عبر تلفزيونها الرسمي إطلاق مسيرات وصواريخ باليستية من أراضيها باتجاه الاحتلال، ردا على استهداف الاحتلال للقنصلية الإيرانية في دمشق، وقتل عدد من القادة العسكريين في الأول من أبريل 2024. وبحسب رواية الاحتلال، فإنه تم التصدي ل99% من الصواريخ والمسيرات الإيرانية، في حين أكد التلفزيون الإيراني إصابة نصف هذه الصواريخ والمسيرات الأهداف التي أُطلقت لأجلها.