أثار ظهور الجماعات المسلحة التابعة لتنظيم داعش، الذعر داخل كافة الدوائر الأمنية بالشرق الأوسط، وبدأت بعض الدول العربية في التكاتف فيما بينها لمواجهة مخاطر هذه الجماعات المتطرفة. بدأت داعش، تنفيذ مخطاطاتها التقسيمية في الشرق الأوسط من سوريا، عبر التعاون مع جبهة النصرة هناك من أجل قتال الجيش السوري، وخلال شهر يونيو الماضي ظهرت داعش في العراق وهجرت المسيحيين في الموصل واستهدفت خلال الأسبوعين الماضيين الإيزيديين بشمال البلاد. ومنذ ظهور داعش وحتى الآن، وبخلاف دول منطقة الشرق الأوسط، لم تعلن الدوائر الإسرائيلية عن تخوفها من هذه الجماعات المسلحة أو أنها تهدد وجود الكيان الصهيوني في المنطقة. مطلع شهر أغسطس الماضي، نشرت القناة الثانية الإسرائيلية تقريرا لها حول مخاطر داعش، وتهديدها لتل أبيب، مضيفة أن الدوائر الاستخباراتية والأمنية في إسرائيل أكدت على أن داعش لا تمثل أي خطر على تل أبيب بالمنطقة. التقارير الإسرائيلية التي تناولت مخاطر ظهور داعش في منطقة الشرق الأوسط، أشارت إلى أن وجود هذه الجماعات المتطرفة يخدم إسرائيل ويعزز من علاقاتها مع دول المنطقة. صحيفة يديعوت أحرونوت، الصهيونية أكدت كذلك على أن وصول داعش للعراق والأعمال التي تنفذها هناك ضد الأقليات الدينية من قتل وتهجير، ساهم في تعزيز العلاقات الأمنية مع بعض الدول العربية المجاورة لتل أبيب خاصة الأردن. التقارير الإعلامية والأمنية الصهيونية التي تناولت مخاطر داعش على إسرائيل في الشرق الأوسط، تأكدت بالتصريح الذي صدر عن داعش نفسها، حيث قالت إنهم غير مأمورين بقتال إسرائيل، مبررة ذلك ببعض الدلائل والحجج الواهية. الدوائر الاستراتيجية داخل تل أبيب، أوضحت أن إسرائيل جنت عدة مكاسب سياسية وعسكرية منذ ظهور داعش في منطقة الشرق الأوسط، خاصة في إطار ما تشهده العراق من أحداث خلال الفترة الراهنة. الأسبوع الماضي، بثت القناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي، تقريرا لها حول أحد الإيزيديين جاء من أجل معالجة أحد أبنائه في المستشفيات الإسرائيلية بعد اقتحام مسلحي داعش لقريته في شمال العراق وفرار العائلة إلى إقليم كردستان. المقابلة التي بثتها القناة الصهيونية مع الإيزيدي، تبين الهدف منها وهو تحسين صورة الكيان الصهيوني دوليا عقب المجازر التي ارتكبها في غزة، فضلا عن إظهار إسرائيل وكأنها واحة السلام في منطقة الشرق الأوسط. أخطر التصريحات التي صدرت عن الإيزيدي خلال المقابلة مع التلفزيون الإسرائيلي أنه أعرب عن تمنيه لسماح الدوائر السياسية في تل أبيب له بالعيش في إسرائيل هو وأبناء جلدته. واتضح الهدف الرئيسي من ظهور هذه الجماعات المتطرفة في منطقة الشرق الأوسط مع اندلاع الأزمة السورية وبعدها العراق، فهي جماعات تسعى لتفتيت الدول العربية وإضعاف جيوشها وهو من أبرز الأهداف التي تسعى الدوائر العسكرية في تل أبيب لتحقيقه منذ سنوات. تعاطي الأجهزة الإسرائيلية مع ظهور داعش، في منطقة الشرق الأوسط، أكد على أنها واحدة من الوسائل الصهيو أمريكية لتقسيم الدول العربية وإضعافها حتى لا تقوى يوما على مواجهة الجيش الإسرائيلي في ساحة المعركة، لا سيما مع تزايد التقارير الأخيرة التي أشارت إلى سعي داعش لتشكيل "دامس" في دول شمال إفريقيا والمغرب العربي، حتى تقضي على باقي الدول العربية وجيوشها. تستفيد الدوائر السياسية في تل أبيب من ظهور تلك الجماعات المتطرفة في تعزيز علاقاتها ببعض دول الجوار ومد جسور اتصال مع الدول العربية، حيث ورد ذلك على لسان وزير الخارجية الصهيوني أفيجدور ليبرمان، عبر الدعوة لتشكيل تحالف عربي -إسرائيلي، لمواجهة الجماعات المتطرفة، على حد قوله. بعض الدوائر الإعلامية في الأوساط العربية خاصة السعودية، بدأت مؤخرا الترويج لإقامة تحالف عربي –إسرائيلي، مشترك لمواجهة ما أسمته بالجماعات الإرهابية المتطرفة، ودعت إلى تصالح جميع الدول العربية وليست فلسطين وحدها مع إسرائيل وإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي. الأجواء التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط خلال الفترة الراهنة وما تتناقله وسائل الإعلام الأجنبية، تشير إلى وجود خطوات حثيثة لتشكيل هذا التحالف العربي الإسرائيلي خلال الفترة القريبة المقبلة.