هل تحرض مناهج الأزهر علي العنف والكراهية وهل هي السبب فيما تشهده مصر من أحداث عنف؟ وهل تحتوي علي متون غير مناسبة للعصر ولم تعد تصلح لواقعنا المعاصر؟ ماذا تقول مناهج الأزهر عن شركاء الوطن؟..عن هذه الأسئلة وغيرها تجيب الحلقة الثانية من ملف تجديد الخطاب الديني. »كل من هب ودب يوجه سهامه للمناهج الأزهرية دون أن يكلف نفسه بمطالعتها،وكل ما يوجه من اتهامات لمناهجنا ناتج عن جهل او عدم إدراك لما تم فيها..بهذه الكلمات بدأ الدكتورمحمد أبو زيد الأمير رئيس قطاع المعاهد الأزهرية رده عن الاتهامات الموجهة لمناهج الأزهر. أكد الأمير أنه تم تنقية 44 كتابا من المناهج الأزهرية علي يد لجنة مكونة من مائة خبير في المناهج وأصول التربية وأصول الفقه والثقافة الإسلامية من أساتذة جامعة الأزهر وغيرها من الجامعات المصرية في مختلف التخصصات. وأوضح أنه تم الانتهاء من 90 % من المناهج وسيتم مراجعة وتقييم التطوير كل 3 أعوام موضحا أن تم تضمين قضايا المواطنة والتعددية وقبول الآخر والتسامح ونبذ العنف والتطرف ومواجهة الأفكار المتشددة. وأشار إلي أن عملية التطوير بدأت بتكليف من الإمام الأكبر د. أحمد الطيب شيخ الأزهر منذ خمس سنوات منذ أن أصدر الإمام الأكبر القرار رقم 8 لسنة 2013 بتشكيل مجموعة من اللجان لإصلاح وتطوير التعليم الأزهري في كل مراحله ضمت أكثر من 100 خبير من داخل وخارج الأزهر وعملت بشكل متواصل طوال الفترة الماضية في تطوير وتعديل جميع مقررات التعليم ما قبل الجامعي في الأزهر علي أن يتم تقييم المناهج الدراسية كل ثلاث سنوات وعلي مدار تلك السنوات استطاع الأزهر الانتهاء من أكثر من 90% من التطوير بفضل جهود لجان تطوير المناهج التي ترأسها وكيل الأزهر د.عباس شومان والتي انتهت تمامًا من مراجعة وإعادة صياغة المناهج بشكل معاصر ومرتبط بالواقع وينطلق من التراث الإسلامي والطابع الأزهري. وأوضح أن التطوير شمل حذف أبواب معينة في مادة الفقه علي المذاهب المختلفة في بعض المسائل التي لا تتعلق بواقعنا المعاصر، كما تم ترحيل باب الجهاد من المرحلة الإعدادية إلي المرحلة الثانوية وتم إقرار أبواب معينة في مادة الحديث الشريف تتصل بالواقع ودمج بعض المواد مع بعضها كمواد الحديث والتفسير والتوحيد والسيرة والتي كان لكل مادة منها كتاب مستقل وقد تم دمجها في كتاب واحد وهو كتاب أصول الدين كما تم إقرار تدريس مادة تعني بالثقافة الإسلامية وضعها فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر وتتضمن العديد من القضايا التي تتصل بواقعنا مع تنمية روح الانتماء للوطن والرد علي كل الأفكار الهدامة ومعالجة القضايا المعاصرة وتصحيح المفاهيم المغلوطة كما تم التطوير في طريقة العرض والأسلوب. وعن مادة الثقافة الإسلامية قال الأمير إن الإمام الأكبر حريص علي تربية النشء والاجيال الأزهرية الحالية والمقبلة علي مبدأ المواطنة والتعددية وقبول الآخر والتسامح ونبذ العنف والتطرف ومواجهة الأفكار المتشددة وإظهار سماحة الإسلام لذلك قرر أن يتجرع طلاب المعاهد الأزهرية جرعة من تلك الثقافة الإسلامية كمقرر دراسي يعكس تلك الروح الإسلامية السمحة فقام بنفسه بوضع وإعداد هذ المقرر مراعيا أن يدرّس للطلاب في مراحلهم الأولي ليتأثر به سلوكهم وينعكس علي تعاملاتهم والربط بين الدنيا والدين والعمل علي إسقاط ملامح تلك الثقافة علي الواقع المعاش حيث يبحث الكتاب في القضايا والمشكلات العصرية والتي يحتاج إلي الإلمام بها الفرد والجماعة وإدراك حقيقة تلك القضايا والمشكلات كما يوضح الكتاب أهم التحديات التي يواجهها المسلمون في العصر الحديث وكيفية تفعيلها لحل مشكلات المجتمع المسلم المعاصر ويسلط الكتاب الضوء علي قضايا الهجرة ومفهومها الصحيح فيما يحصن أبناءنا من الوقوع في فخ التنظيمات والتيارات الدينية المتطرفة. ويوضح حقيقتها ويحصنهم من الإنجراف خلف آفات العصر كالإرهاب والمخدرات والتدخين. ويبين خطورة اتهام أي شخص بالكفر. الجهاد وأضاف أن كتاب »الثقافة الإسلامية» ركز علي توضيح المفاهيم المغلوطة ومنها مفهوم الجهاد في الإسلام فأكد أن الجهاد في الإسلام شرع لصد العدوان ومقاومة العدو ولم يشرع لقتال الناس في بيوتهم وأماكنهم وأن الجهاد لا يعني القتال وإنما يعني أيضاً المجاهدة والصبر علي المكاره ومنه جهاد النفس وجهاد الهوي والشيطان وأن الجهاد في سبيل الله يندرج تحته »الجندية في الجيش» وأن الجهاد لم يشرع مطلقا في الإسلام من أجل التوسع واحتلال الأرض أو السيطرة علي الموارد أو قهر الشعوب وهوأنه إذا خرج عن صد العدوان ومقاومة الأعداء لا يعد جهادا وإنما يعد اعتداء وسقنا بعض الآراء الشاذة والتي فهمت خطأ في قضية الجهاد أبرزها تلك الآراء التي تحض علي الإفساد في الأرض وقتل النفس التي حرم الله. وتبيح القتال في حق غير المسلمين لإجبارهم علي دخول الإسلام وإجبارهم علي دفع الجزية وهم شركاء الوطن والاستشهاد بحروب النبي عليه الصلاة والسلام التي خاضها ضد أعدائه وكانت كلها حروبا دفاعية وكانت لا تقوم الغزوة إلا في حق المقاتلين فقط فيما تترك النساء والشيوخ والأطفال وغير المقاتلين. وساق كتاب الثقافة الإسلامية موقف الإسلام من التنظيمات الإرهابية وأنها أشد خطرا علي الإسلام والمسلمين وأخطر من أعدائهم لأنها شوهت صورة الإسلام وأساءت إليه واظهرته بمظهر غير صحيح. وأوضح أن التطوير الذي تم بالمناهج الجديدة والمقررات الدراسية بالأزهر شمل تبسيط العبارات التراثية بعبارات معاصرة سهلة وحذف الاستطرادات المطولة في الكتب كما تم حذف بعض الأبواب التي لم تعد مرتبطة بالعصر بالإضافة إلي ضم فروع العلم الواحد في مادة واحدة في المرحلة الإعدادية حيث جمعت المواد في مادة أصول الدين واللغة العربية والفقه مع حذف المتون والإبقاء علي الشرح المعاصر وبالنسبة للمرحلة الثانوية تم الإبقاء علي المتون مع شرحها شرحا معاصرًا واستبدال النصوص التي يمكن أن يؤولها المتشددون تأويلا خاطئا واستبدلت بنصوص صريحة. وعن اتهام المناهج بالحض علي الكراهية والعنف أكد الأمير أن الإرهابيين لا علاقة لهم بالكتب التي تحث علي المودة بين المسلمين وغير المسلمين وتبين الحقوق والواجبات المقررة علي كل منهما بالإضافة إلي الأحاديث النبوية الشريفة التي تظهر سماحة الإسلام وسماحة خلق نبيه محمد النبي الصلاة والسلام وتعاملاته مع غير المسلمين والتأكيد علي المساواة بين الناس في الخلق وأن هذه المساواة قائمة علي مبدأ المواطنة والنص علي أن المسلمين والمسيحيين سواء وشركاء في الوطن وهذا في مادة أصول الدين للفرق الثلاث الثانوية بل وصلت دقة التناول إلي تضمين المناهج الدروس المستفادة من موضوع آداب التحية في الإسلام وتأمين غير المسلم ورعاية حقوق غير المسلمين وبيان حكم المواطنة في الإسلام فضلا عما يحتويه كتاب الثقافة الإسلامية الذي يدرس لطلاب الثانوية بقسميها الأدبي والعلمي ويعرض علي طلاب الأزهر أهم القضايا الفكرية والدينية التي تمس واقعنا وعلاقتنا من مواطنة وحرمة دماء أهل الكتاب.