أسباب ارتجاج الدماغ ينجم ارتجاج الدماغ عن صدمة مفاجئة على الرأس، أو عن تسارع الدماغ وتباطؤه بشكل مفاجئ. إن الأسباب الأوسع انتشاراً لحدوث ارتجاج الدماغ هي الألعاب الرياضية التي يحدث فيها احتكاك عنيف بين اللاعبين، وحوداث السيارات والدراجات، وحوادث السقوط في المنزل. إن السقوط في المنزل هو السبب الأوسع انتشاراً لإصابات الدماغ عند الأطفال في بداية تعلم المشي، وعند من تجاوزوا السبعين عاماً. إن أعلى نسبة وفيات وأعلى نسبة دخول المستشفى بسبب إصابات الدماغ موجودة عند من تتجاوز أعمارهم خمسة وسبعين عاماً. أنواع إصابات الدماغ الرَضّية يميز الأطباء بين إصابات الدماغ الخفيفة والمعتدلة والشديدة. يعتبر ارتجاج الدماغ إصابة دماغية خفيفة. فالكثير من حالات ارتجاج الدماغ لا تؤدي إلى فقد الوعي. يقوم الأطباء بتصنيف حالات ارتجاج الدماغ من أجل تسهيل معالجتها. ويعتمد نمط ودرجة الارتجاج على الإجابة على الأسئلة التالية: هل فقد الشخص وعيه أم لم يفقده، ما هو طول المدة التي بقى خلالها المريض فاقداً للوعي، ما هو طول المدة التي استمر خلالها فقدان الذاكرة بعد الإصابة، ما هو طول المدة التي استمرت خلالها أعراض تشوش الوعي والصداع والدُوخة. إن مرضى الدرجة الأولى من ارتجاج الدماغ لا يفقدون الوعي، ولا يفقدون الذاكرة إلا لوقت قصير يقل عن ثلاثين دقيقة، أو لا يفقدونها أبداً بعد الرض. ويسمى هذا النوع من فقدان الذاكرة "النسيان التالي للرَضّ"، وهو عدم تذكر ما حدث خلال مدة معينة بعد الحادث. فمثلاً، إن لاعب كرة القدم الذي أصيب بارتجاج الدماغ من الدرجة الأولى دون أن يفقد الوعي قد لا يستطيع أن يتذكر بعد مرور يوم على الحادث، ما حدث له وما حدث خلال نصف ساعة بعد الحادث، وذلك حتى لو بدا أنه يتصرف بشكل طبيعي بعد الحادث. في الدرجة الثانية من ارتجاج الدماغ يفقد المريض وعيه لمدة تقل عن خمس دقائق وقد يحدث لديه، إلى جانب فقد الوعي أو بدون فقد الوعي، النسيان التالي للرَضّ والذي يستمر من نصف ساعة إلى يوم كامل. في الدرجة الثالثة من ارتجاج الدماغ يفقد المريض وعيه لمدة تزيد على خمس دقائق وقد يحدث لديه، إلى جانب فقد الوعي أو بدون فقد الوعي، النسيان التالي للرَضّ والذي يستمر أكثر من يوم كامل. أعراض ارتجاج الدماغ قد يفقد المريض الوعي وقد لا يفقده بعد ارتجاج الدماغ. فإذا فقد الوعي فإن ذلك يستمر من بضع ثوان إلى بضع دقائق. يكون المريض مصاباً بالحيرة وبتشوش الوعي. ومن الطبيعي ألا يستطيع الشخص الذي يصاب بارتجاج الدماغ أن يتذكر الأحداث التي جرت قُبيل الحادث وخلالَه وبعدَه مباشرة. ومن علامات تشوش الوعي: يكون المصاب غير قادر على التفكير و التواصل المفهوم. لا يستطيع المصاب أن يتذكر أين هو. لا يستطيع المصاب أن ينفذ حركات متتابعة ذات هدف محدد إذا طلب منه تنفيذها. فمثلاً، قد لا يستطيع المصاب أن يفهم طلباً مثل "المس أذنك اليسرى بيدك اليمنى". يظهر المريض نوعاً من تكرار الأشياء نفسها، أي أنه يكرر السؤال نفسه أو يقول الشيء نفسه مراراً. عند الشك في حدوث ارتجاج الدماغ، يمكن للعاملين في الطوارئ وفي التدريب الرياضي أن يسألوا الشخص المصاب: في أي سنة نحن؟ أو أن يطلبوا منه أن يعد بالعكس من العشرة إلى الواحد لاكتشاف وجود أي مشكلة في أداء الدماغ لوظائفه. إن الأعراض الأخرى لارتجاج الدماغ هي الصداع، والشعور بالدوخة، وتشوش الرؤية، وتعب العينين، وطنين الأذنين، والشعور بطعم سيء في الفم، والتعب، واضطرابات النوم. وقد يجد المُصاب صعوبة في التذكر والتركيز والانتباه والتفكير. إذا كان الشخص قد تعرض لإصابة دماغية أشد من الارتجاج الخفيف، فقد تظهر لديه أعراض ارتجاج الدماغ نفسها، ولكن بشدة أكبر. كما يمكن أن يعاني من غثيان وإقياء، واختلاجات أو تشنجات، ومن عدم القدرة على الاستيقاظ من النوم، وتوسع في حدقة واحدة أو في الحدقتين، وكلام متداخل، وضعف أو تنميل في الأطراف. متى نراجع الطبيب ينبغي على المصاب بارتجاج الدماغ، أو من يهتم بأمره ممن حوله، أن يراجع الطبيب إذا لاحظ أي علامة من العلامات التالية: صداع يستمر أكثر من ساعة أو ساعتين مشاكل في الرؤية دوار غثيان وإقياء صعوبة في التوازن تشوش الوعي فقدان الذاكرة طنين في الأذنين صعوبة في التركيز ينبغي على المصاب بارتجاج الدماغ أن يلتمس الإسعاف إذا ظهرت الأعراض التالية على الشخص المصاب: الاختلاجات أو التشنجات، وهي تقلصات وتصلب لا إرادي في العضلات، وهذا ما يحدث عادة أثناء فقدان الوعي. عدم القدرة على السمع أو التذوق أو الرؤية صعوبة في فهم المعلومات ضعف أو تنميل في اليدين أو الرجلين كلام متداخل أو صعوبة في العثور على الكلمة "المناسبة" إقياء متكرر من المهم أن يعرف الإنسان أن هناك حالات نادرة، لكنها ممكنة، يتصرف فيها من يتعرض لإصابة على رأسه بشكل طبيعي تماماً لعدة ساعات، بينما تكون الخَثْرَة الدموية في مرحلة التشكل في دماغه. ثم يبدأ ظهور الأعراض عندما تكبر هذه الخَثرة. لذلك فإن التحقق من سلامة المريض كل ساعة أو ساعتين أمر مهم جداً حتى في رُضوض الرأس التي تبدو لنا خفيفة. ينبغي على من يريد التحقق من سلامة المصاب بارتجاج الدماغ أن يقوم بما يلي: أن يطرح عليه أسئلة للتتأكد من أنه قادر على تحديد مكان وجوده، أن يطلب منه أن يحرك ذراعيه ورجليه للتأكد من عدم إصابتهما بالضعف الباكر، أن يفحص الحدقتين لديه للتأكد من تساويهما في الحجم، وأن إحداهما لا تزيد عن الأخرى في الاتساع. إذا لم تظهر أية أعراض على المريض خلال اثنتي عشرة ساعة فلا حاجة لأي فحوص إضافية. إن الرضوض البسيطة التي تصيب الرأس، ولاسيما عند كبار السن، يمكن أن تؤدي إلى نوع مختلف من النزيف، وهو نزيف قد لا يمكن اكتشافه بصور المسح الطبقي المحوري التي تُجرى مباشرة بعد الإصابة. ويدعى هذا النوع من النزف باسم "الورم الدموي تحت الجافية" وعادة ما تظهر أعراضه بعد أسابيع على شكل صداعٍ وضعفٍ وفقدُ توازنٍ واضطرابات في الكلام. لهذا من المهم دائماً مراقبة هذه الأعراض مباشرة بعد الإصابة وبعدها بيوم واحد، وحتى بعد عدة أسابيع. مضاعفات ارتجاج الدماغ قد يعاني الناس الذين يتعرضون لإصابة على الرأس من آثار جانبية يستمر ظهورها أسابيع أو أشهر. وهذه تُعرف باسم المُتلازمة التالية للارتجاج. أعراض المُتلازمة التالية للارتجاج كثيرة، ومنها: اضطرابات في الذاكرة والتركيز، تقلبات في المزاج، تغيرات في الشخصية، صداع، تعب، دوار، أرق، ونعاس مفرط. أما إذا كانت إصابة الدماغ شديدة فيمكن أن ينتج عنها مضاعفات خطيرة مثل النزف والجلطة الدموية وموت الخلايا بسبب نقص تدفق الدم إلى الدماغ. وإذا لم تعالج هذه المضاعفات فمن الممكن أن تؤدي إلى إصابة الدماغ بمزيد من التلف، وقد تنتهي بالموت أيضاً. إذا أصيب المريض بارتجاج خفيف ثم تعرض لارتجاج جديد قبل أن يُشفى من الارتجاج السابق، فمن المرجح أن يكون الارتجاج الثاني شديداً. وهذا ما يُدعى "متلازمة الآثار الثانية"، وهي قد تكون مميتة. ولهذا يمكن أن يطلب الطبيب من الرياضيين الذين يتعرضون لارتجاج الدماغ، حتى لو كان خفيفاً، ألا يلعبوا طيلة الموسم لتجنب إصابتهم بارتجاج آخر أكثر خطورة. تستجيب بعض المضاعفات للعلاج استجابة جيدة. ولكن الدماغ يمكن أن يستغرق زمناً طويلاً لإصلاح مالحق به من تلف، وقد لا يتمكن أبداً من الشفاء التام. ومن الآثار التي قد تستغرق زمناً طويلاً للشفاء: ضعف الإدراك تغيرات في الشخصية اضطرابات حسية صداع نوبات اختلاج أو تشنج اضطراب الشدة التالية للرَضّ تشخيص ارتجاج الدماغ سواءٌ كان ارتجاج الدماغ شديداً أو خفيفاً فإن على الطبيب أن يجري تقييماً سريعاً لحالة المريض ليتمكن من معالجة المضاعفات، إن وجدت. وكثيراً ما يعتمد الأطباء على نوع من الصور التي تبين حالة النسيج الدماغي، وهي تُدعى الصور الطبقية المحورية. يجرى المسح الطبقي المحوري للاطمئنان على عدم وجود كسور في الجمجمة وعدم وجود خَثرات وكَدَمات في الدماغ أو حول الدماغ. واعتماداً على حالة المريض وعلى نتائج التصوير الطبقي المحوري الأول، يمكن أن يحتاج المريض إلى البقاء في المستشفى لمراقبة وضعه. أما إذا كانت الإصابة شديدة وتحتاج إلى عمل جراحي فمن الممكن تحويل المريض إلى الجراحة فوراً. في معظم حالات ارتجاج الدماغ تكون إصابات دماغية خفيفة لا يظهر لها أي اثر على الصور الطبقية المحورية. وفي هذه الحالة يعتمد الطبيب على الأعراض الظاهرة على المريض لتقدير درجة ارتجاج الدماغ. علاج ارتجاج الدماغ إن الراحة هي المعالجة المتفق عليها لارتجاج الدماغ. وإذا ما شكا المصاب من الصداع فيمكنه تناول بعض المسكنات التي تُباع دون وصفة مثل الأسيتامينوفين. وينبغي أن يسأل المصاب طبيبه عن الدواء الأنسب له. إذا طلب الطبيب إجراء تصوير طبقي محوري وتبين وجود نزف أو إصابة شديدة لدى المصاب، يصبح من الضروري أن يدخل المستشفى، وأن يخضع لمراقبة دقيقة، وأن يتلقى المعالجة. وإذا بينت الصور الطبقية المحورية وجود كسر في الجمجمة أو خَثْرة دموية كبيرة فقد يستدعي الأمر إجراء جراحة لمعالجة كسر الجمجمة واستخراج الخثرة.