في احتفالية تحت عنوان ¢مصر تفتخر بعروبتها¢. بقاعة سيد درويش بأكاديمية الفنون. وحضرها عدد كبير من الوزراء والفنانين والشخصيات العامة. فاجأتنا الدكتورة غادة والي وزيرة التضامن الاجتماعي بحديث عن وصف الجنة قالت فيه: ¢إن الجنة مكان هيكون فيه مزيكا وباليه¢. في إشارة إلي رقي الفنون وتأثيرها الإيجابي علي الإنسان. هذه التصريحات اثارت جدلا واسعا. فهذه هي المرة الأولي التي يتم فيها وصف الجنة بهذه الصفات. ولم يعرف إذا كانت الوزيرة تقول هذا الكلام علي سبيل المجاز أو علي سبيل وصف الواقع. ,إن كانت الثانية فمن أين أتت الوزيرة بهذا الوصف؟ وهل ورد في أي أحاديث أو تفاسير عن وصف الجنة بهذا الوصف. في قصيدة لابن القيم يصف فيها الجنة ونعيمها قال: فإن سألت: عن أرضها وتربتها. فهي المسك والزعفران. وإن سألت: عن سقفها. فهو عرش الرحمن. وإن سألت: عن ملاطها. فهو المسك الأذفر. وإن سألت: عن حصبائها. فهو اللؤلؤ والجوهر. وإن سألت: عن بنائها. فلبنة من فضة ولبنة من ذهب. لا من الحطب والخشب. وإن سألت: عن أشجارها. فما فيها شجرة إلا وساقها من ذهب. وإن سألت: عن ثمرها. فأمثال القلال. ألين من الزبد وأحلي من العسل. وإن سألت: عن ورقها. فأحسن ما يكون من رقائق الحلل. وإن سألت: عن أنهارها. فأنهارها من لبن لم يتغير طعمه. وأنهار من خمر لذة للشاربين. وأنهار من عسل مصفي. وإن سألت: عن طعامهم. ففاكهة مما يتخيرون. ولحم طير مما يشتهون. وإن سألت: عن شرابهم. فالتسنيم والزنجبيل والكافور. وإن سألت: عن آنيتهم. فآنية الذهب والفضة في صفاء القوارير. وإن سألت: عن سعت أبوابها. فبين المصراعين مسيرة أربعين من الأعوام. وليأتين عليه يوم وهو كظيظ من الزحام. وإن سألت: عن تصفيق الرياح لأشجارها. فإنها تستفز بالطرب من يسمعها. وإن سألت: عن ظلها ففيها شجرة واحدة يسير الراكب المجد السريع في ظلها مئة عام لا يقطعها. وإن سألت: عن خيامها وقبابها. فالخيمة من درة مجوفة طولها ستون ميلاً من تلك الخيام. وإن سألت: عن علاليها وجواسقها فهي غرف من فوقها غرف مبنية. تجري من تحتها الأنهار. وإن سألت: عن إرتفاعها. فانظر إلي الكواكب الطاع. أو الغارب في الأفق الذي لا تكاد تناله الأبصار. وإن سألت: عن لباس أهلها. فهو الحرير والذهب. وإن سألت: عن فرشها. فبطائنها من استبرق مفروشة في أعلي الرتب. وإن سألت: عن أرائكها. فهي الأسرة عليها البشخانات. وهي الحجال مزررة بأزرار الذهب. فما لها من فروج ولا خلال. وإن سألت: عن أسنانهم. فأبناء ثلاثة وثلاثين. علي صورة آدم عليه السلام. أبي البشر. وإن سألت: عن وجوه أهلها وحسنهم. فعلي صورة القمر. وإن سألت: عن سماعهم. فغناء أزواجهم من الحور العين. وأعلي منه سماع أصوات الملائكة والنبيين. وأعلي منهما سماع خطاب رب العالمين. وإن سألت: عن مطاياهم التي يتزاورون عليها. فنجائب أنشأها الله مما شاء. تسير بهم حيث شاءوا من الجنان. وإن سألت: عن حليهم وشارتهم. فأساور الذهب واللؤلؤ علي الرؤوس ملابس التيجان. وإن سألت: عن غلمانهم. فولدان مخلدون. كأنهم لؤلؤ مكنون. وإن سألت: عن عرائسهم وأزواجهم. فهن الكواعب الأتراب. اللائي جري في أعضائهن ماء الشباب. فللورد والتفاح ما لبسته الخدود. وللرمان ما تضمنته النهود. وللؤلؤ المنظوم ما حوته الثغور. وللدقة واللطافة ما دارت عليه الخصور. تعبير مجازي يقول الدكتور محمد نبيل غنايم استاذ الشريعة الاسلامية بجامعة القاهرة. بداية لا ينبغي ان نحمل ماذكرته الوزيرة اكثر مما يحتمل فحديثها لايوجد به سوء نية او قصد. فهي تريد ان تشير الي رقي الحياة داخل الجنة ولم تجد بالنسبة لها وصفاً غير الموسيقي والباليه للاشارة إلي هذا الرقي وانا اعتقد انه وصف مجازي وليس وصفا فعليا فالدكتورة لن تدعي ابدا انها متفقهة في الدين. واضاف أما عن وصف الجنة فعن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: يقول الله تعالي¢ أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنى رَأَتْ وَلَا أُذُنى سَمِعَتْ وَلَا خَطَرَ عَلَي قَلْبِ بَشَري ذُخْرًا بَلْهَ مَا أُطْلِعْتُمْ عَلَيْهِ¢ . ثم قرأَ ¢ فَلا تَعْلَمُ نَفْسى مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُني جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ¢. وقد راي النبي صلي الله عليه وسلم الجنة. عن أنس بن مالك عن النبي صلي الله عليه وسلم قال ¢ بَيْنَمَا أَنَا أَسِيرُ فِي الْجَنَّةِ إِذَا أَنَا بِنَهَري حَافَتَاهُ قِبَابُ الدُّرِّ الْمُجَوَّفِ قُلْتُ مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ قَالَ هَذَا الْكَوْثَرُ الَّذِي أَعْطَاكَ رَبُّكَ فَإِذَا طِينُهُ - أَوْ طِيبُهُ - مِسْكى أَذْفَر¢. دار الكرامة يقول الدكتور محمد إبراهيم - مدير قسم الثقافة والارشاد الديني بأوقاف الشرقية -: الجنة هي دار الكرامة التي يكرم الله عز وجل بها عباده الصالحين تفضلا منه ومنة عليهم برحمته نتيجة أعمالهم الصالحة في حياتهم الدنيا والتزامهم بالأوامر واجتنابهم كل ما نهي عنه عز وجل. وأعد لهم ربنا فيها نعيما تعجز الكلمات عن وصفه والعقول عن إدراك حقيقته . فيكفي أن الله عز وجل قال في وصف نعيمها "إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنزلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ ألا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ نزلا مِنْ غَفُوري رَحِيمي". فالعقل مهما تخيل أو تصور هذا النعيم لن يصل إلي منتهاه ولا إلي حقيقته. والكلام الذي ذكرته وزيرة التضامن من أن الجنة فيها رقص وباليه وموسيقي لنا عليه بعض الملاحظات: الأولي: أن نحسن الظن في صاحبة الكلام ولا نكون ممن يتصيد في الكلام للبعض بغرض الإساءة لشخصه أو القدح في دينه فهذا ليس من صفات المسلم. الثانية: تواترت الأدلة علي أن الإنسان إذا تمني شيئا في الجنة أي شيء أعطاه لنا ربنا عز وجل . مع العلم بأن الجنة ليست دار تكليف فيتقيد نعيمها بحل أو حرمة بل هي دار تشريف وتكريم . ففي الجنة خمر بنص القرآن ولكنها ليست كخمر الدنيا التي هي أم الخبائث. قال تعالي "مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارى مِنْ مَاءي غَيْرِ آسِني وَأَنْهَارى مِنْ لَبَني لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارى مِنْ خَمْري لَذَّةي لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارى مِنْ عَسَلي مُصَفًّي وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةى مِنْ رَبِّهِمْ" وقد تناول الكثير من الأئمة الأعلام مسألة النعيم في الجنة وأفسحوا للعقل فيها المجال من خلال فهمه للنصوص الدينية حتي رأينا منهم العجب في وصف هذا النعيم . ويأتي العلامة ابن القيم رحمه الله في مقدمة من كتب في هذا النعيم في كتابه حادي الأرواح إلي بلاد الأفراح. الثالثة: لا يوجد ما يمنع من أن يتخيل الإنسان أي نعيم في الجنة. ولكن ينبغي عليه ألا يجعل منه مادة للسخرية أو الاستهزاء أو للطعن في الدين وثوابته . الرابعة: ينبغي علي كل صاحب كلمة لها صداها عند العامة أن يوجه كلماته للعمل والبناء. لا أن يتكلم بكلام يثير البلبلة عند العامة. فبدل أن نتكلم عن رقص وموسيقي في الجنة مثلا نتكلم في الأعمال التي توصلنا إلي الجنة وعلي رأسها الالتزام بدين الله عز وجل مظهرا وجوهرا. نتحدث عن كيفية بناء الأوطان علي أسس المودة والتراحم التي جاء بها ديننا الحنيف. فالجنة نتيجة لابد لها من مقدمات . فلنشغل أنفسنا بالمقدمات أولا حتي تتحقق لنا النتائج المرجوة. سماع القرآن ويقول الشيخ إبراهيم البدري الداعية بوزارة الأوقاف إن في الجنة مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر علي بال أحد. وفي نفس الوقت لم يذكر ان في الجنة ستقام حفلات لرقص الباليه. نعم هناك متع لم يتخيلها الانسان ولم يذكر ان هناك مزماراً هذه وغيرها من اللذات الفانيه وفي الجنة اللذة باقية. وأضاف. أفضل متعةي هي متعة الاستماع إلي القرآن الكريم وإلي سورة الرحمن عندما يتلوها عليك ملك من الملائكة لم تسمع احسن من صوته وتتلذذ بقراءته..إلي أن يقرأها سيدنا رسول الله صلي عليه وسلم فأي متعة ألذ من هذه وأي جمال صوت أحسن من الحبيب المصطفي.. ثم يقرأها المولي سبحانه وتعالي بصوتي لم تسمع مثله ابدا. ابالله عليك ايجتمع اهل الجنة للباليه والمزيكا ام يجتمعون لسماع القرآن من رب العالمين.