عندما جاء الإسلام أكد أهمية العسل وفائدته فيما ورد في القرآن والأحاديث الصحيحة. وقد يقول قائل: ما دام القدماء أدركوا أهمية العسل قبل نزول القرآن الكريم فأين الإعجاز؟ والإجابة عن هذا التساؤل أن القرآن أكد كل ما هو صحيح فيما ورد عن الأمم السابقة. وصحح كل ما هو خاطيء وهذا إعجاز في حد ذاته والدليل علي ذلك أنه لم ترد في القرآن آية واحدة أثبت العلم خطأها وأن الكون والكائنات كلها مازال بهما من الأسرار الشيء الكثير لم يكشف منها إلا القليل وصدق رب العزة "وما أوتيتم من العلم إلا قليلا" الإسراء: .85 العسل في القرآن الكريم : قال تعالي عن النحل وعالمه العجيب: "ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللا يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون" النحل: .69 فأشار القرآن الكريم إلي أن في العسل شفاء.. ووردت كلمة "شفاء" في القرآن أربع مرات ثلاث منها مع القرآن ومرة مع العسل. ونلاحظ أن لفظة "شفاء" قد وردت نكرة لتدل علي أن العسل لا يشفي من كل داء بل فيه نوع من الشفاء لبعض الأمراض وربما لأن القرآن الكريم سكت عن تلك الأمراض ولم يذكرها فلا بأس أن يستشفي بالعسل في كل مرض لعل المقصود بالآية الكريمة يصادف ذلك المرض فيشفي بإذن الله تعالي ما لم يكن في استعمال العسل محظور كما هو الحال في بعض مراحل الداء السكري ونحوه. فالنحل من المخلوقات الذكية الطائعة لله تعالي بدليل أن الله أوحي إليها كما أوحي إلي الأنبياء وكما أوحي إلي أم موسي عليهم السلام. والوحي إلي النحل دليل علي التسخير الذي سخر الله عز وجل به النحل بكيفية العيش وصناعة العسل في سكناها بالترتيب القرآني في الجبال والشجر والعرائش. ولقد ثبت أن أفضل أنواع العسل العسل الجبلي ثم عسل الغابات والذي نجده في جذوع الأشجار وأخيرا العسل الذي يصنعه النحل في الخلايا الصناعية التي يصنعها الإنسان.. وسبحان الله فإن هذا الترتيب مطابق لكمية الفائدة والشفاء من كل نوع من الأنواع فأكثر أنواع العسل شفاء هو العسل الجبلي لأنه أنقي وأفضل من الأنواع الأخري حتي إن كيلو العسل الجبلي يصل إلي مئات الجنيهات وربما يصل الكيلو الواحد إلي ألف جنيه. فالوحي هنا هو الإلهام أي أن الله عز وجل ألهمها مساكنها وطعامها دون معلم أو دليل وعلمها النظام والجد وكيفية بناء الخلايا بأشكال هندسية جميلة المنظر متساوية الأضلاع يعجز الإنسان عن صناعتها. وكذلك لأهمية هذا الكائن العجيب أنزل الله تعالي سورة في كتابه الكريم سماها "سورة النحل" دليلا علي عظمة وإعجاز هذا الكائن الضعيف.. فالله سبحانه هو خالقنا والعليم بأسرار خلقه وبما ينفعنا ويضرنا فعندما يخبرنا في كتابه العظيم أن العسل فيه شفاء للناس يجب علينا أن نقول سمعنا وأطعنا. لأن في ذلك الخير كل الخير لأجسامنا ولأرواحنا بسبب الامتثال والطاعة لرب العالمين. إعجاز رباني في مخ النحل : يؤكد الباحثون اليوم في جامعات العالم الغربي أن النحل له سلوك خاص وهذا السلوك سلوك عاقل وليس سلوكا عشوائيا بل منظما وموجها فدماغ النحلة يحوي "مليون خلية عصبية" مع أن حجمه لايزيد علي حجم النقطة التي نكتبها بالقلم. وإذا نظرنا إلي مساحة دماغ النحلة نجد أنها لا تكفي لمعالجة المعلومات الهائلة التي تقوم بمعالجتها هذه النحلة الصغيرة لذلك وضع الله سبحانه وتعالي في دماغها برنامجا في كل خلية من خلايا هذا الدماغ فيه الأوامر والنواهي والسلوكيات وكل المعلومات التي تحتاجها النحلة وما عليها إلا أن تقوم بالسلوك المرسوم لها وهذه إحدي عجائب عالم النحل وتبديع صنع الله تعالي فيها. فلو تأملنا عبارة "فاسلكي سبل ربك ذللا" النحل: 69 نر فيها إعجازا واضحا حيث أمر الله تعالي النحلة أن تسلك طرقا محددة أثناء حياتنا وصناعتها العسل وذلل لها هذه الطرق وسخر لها الوسائل التي تضمن لها سلوكا صحيحا. ويقول العلماء: إن النحلة تختار أقصر طريق لتحقيق هدفها أي أنها تتفوق علي الإنسان في اختيارها الطريق الصحيح لأن ذلك وحي من رب العالمين كل هذا وهي لا تملك إلا دماغا بحجم النقطة فمن هداها وسخر لها بل وأمرها أن تقوم بهذا العمل هذ الطبيعة العمياء -كما يزعم الملحدون- أم الله القادر علي كل شيء؟! فهو إذا طريق مرسوم ووحي من الله بأسلوب نجهله نحن البشر و ليس هناك أدل علي ذلك من الله عز وجل قد أوحي إلي النحل لقوله تعالي: "وأوحي ربك إلي النحل" النحل: 68. فأعمال النحل وحياته تدل علي مدي القدرة الفعلية للنحل وذلك في تمييز نوع الزهور ومواعيد العمل وغيرها من الأعمال الأخري وللحديث بقية.