تشير كلمة الخير في اللغة العربية إلي كل ما فيه نفع وصلاح, كما تشير أيضا إلي كل ما كان أداة لتحقيق المنفعة أو جلب المصلحة.وقد غلب استعمال الخير بمعني المال, قبل نزول القرآن الكريم, لكن القرآن نقل اللفظ إلي آفاق جديدة ودلالات لم تكن معروفة من قبل, أو كانت معروفة لكنها لم تكن شائعة في استعمالها, وجاء استعمال القرآن لكلمة الخير منسجما مع مقاصد القرآن وغاياته, حيث يراد به( الأفضل في كل شيء قولا وعملا ودعوة إليه). وعندما نتتبع لفظ الخير في القرآن الكريم ستجد أنه ورد مائة وثمانية وثمانين مرة, منها ثماني مرات في صيغة أخيار, وخيرات, وخيرة. وأنه جاء في سياقات متنوعة, بقدر تنوع جوانب الحياة المدنية الدنيوية, والدينية الأخروية, وأنه باستقراء تلك السياقات يمكن القول: إن استعمال لفظ الخير في القرآن جاء متصفا بالشمول والإحاطة. فمن الآيات التي تحض علي فعل الخير مطلقا كقوله:( وافعلوا الخير لعلكم تفلحون) الحج:.77 ومن الآيات التي تأمر بالدعوة إلي الخير قوله تعالي:( ولتكن منكم أمة يدعون إلي الخير) آل عمران:.104 ومن الآيات التي تحث علي المسارعة في عمل الخير قوله تعالي:( فاستبقوا الخيرات) المائدة:.48 ومن الآيات التي تمدح من يسارعون إلي عمل الخير قوله تعالي:( إنهم كانوا يسارعون في الخيرات) الأنبياء:.90 وبالإضافة إلي ما سبق, ورد الخير بمعني العلم كما في قوله تعالي ( ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون), وورد بمعني العمل( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره) وورد بمعني الكفاءة( إن خير من استأجرت القوي الأمين) وورد بمعني العدالة( وزنوا بالقسطاس المستقيم ذلك خير وأحسن تأويلا). وورد بمعني الحض علي التنافس والمسابقة في الأعمال المفيدة( فاستبقوا الخيرات). وورد بمعني المال( وما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين). بالإضافة إلي ما ورد في القرآن الكريم من استعمالات متعددة لكلمة الخير, فإن السنة النبوية جاءت منسجمة مع الدلالة العامة للكلمة, كما جاء فيما رواه ابن حبان عن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: إن أبواب الخير لكثيرة: التسبيح, والتكبير, والتحميد, والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, وتميط الأذي عن الطريق, وتسمع الأصم, وتهدي الأعمي, وتدل المستدل علي حاجته, وتسعي بشدة ساقيك مع اللهفان المستغيث, وتحمل بشدة ذراعيك مع الضعيف, فهذا كله صدقة منك علي نفسك. ومن كل هذه المواضع في القرآن والسنة وغيرها نلاحظ أن الخير يعد مقصدا من مقاصد الشريعة, وليس مجرد أعمال فردية أو سلوكا عابرا, وأن عمل الخير هو أحد أهم القواعد التي ينطلق منها المسلم في كل أعماله وتصرفاته.