خمسون عاما ما بين الخامس من يونيو عام1967 ويومنا هذا عام2017 شهدت تغيرات كثيرة في المجتمع المصري القليل منها للأفضل والكثير وللأسف الشديد للأسوأ وتحديدا في الشخصية المصرية التي بدأت رحلتها مع ذلك التغيير من السبعينيات حين شدت بعض الأسر رحالها إلي دول الخليج ليعودوا إلينا محملين بثقافات صحراوية وأفكار غريبة علي مجتمعنا المصري تحمل بين طياتها تطرفا في العقيدة والفكر والاغتراب عن مصريتهم لينشئوا لنا أجيالا متعاقبة من المسوخ فاقدي الهوية الثقافية والانتماء إلي الوطن.. إن هزيمة67 وإن كانت عسكرية فإنها لم تنل من عزيمة المصريين الذين التفوا حول القيادة السياسية ودعموا الجيش بكل ما لديهم من إصرار علي تحويل الهزيمة إلي انتصار فصبروا وثابروا خلال سنوات حرب الاستنزاف التي كبدت العدو الصهيوني خسارات فادحة حتي انتصار أكتوبر المجيد, حيث كان المجتمع المصري في ذلك الحين لا يزال مصريا خالصا بلا شوائب وكانت خيانة الوطن والتنكر له هي استثناء الاستثناء فكان الانتصار علي العدو محققا.. إن النكسة الحقيقية ليست ما واجهته مصر في عام67 والاستنزاف الفعلي لم يكن هو سنوات تلك الحرب التي تلت الهزيمة العسكرية آنذاك وإنما ما تواجهه مصر الآن من تآمر بعض أبنائها عليها وخياناتهم المستمرة لها. فخيانة البعض للوطن لم تعد استثناء كما كانت من قبل ولم تعد مستترة كونها عارا يلحق بصاحبه في حياته وبعد موته بل أصبحت معلنة بكل فجور وكأنها مدعاة للتباهي والفخر.. وهذا ما عمل العدو علي تأصيله في نفوس الكثيرين من الأجيال المتعاقبة منذ انتصار73 وبعد أن تيقن من حتمية هزيمته في أي مواجهة عسكرية مع الجيش المصري فعمد إلي خلق أجيال تناهض الجيش وتعادي الوطن نفسه.. الهدم الداخلي هو ما راهن عليه العدو سلاحا للتدمير وهو ما لم يكن ليتحقق دون تغيير الهوية الثقافية المصرية وإحلال الأفكار المتطرفة مكانها والمعادية لكل ما هو مصري أصيل.. لتتحول العقلية المصرية إلي قنبلة موقوتة قابلة للانفجار في أي وقت لتدمير المجتمع من حولها.. فالمؤامرة إذن قديمة قدم المتآمرين علي مصر وهي أيضا تراكمية لتصبح راسخة في نفوس وعقول من استخدمهم العدو كأدوات لتنفيذها بوعي أو بغير وعي, فالمحصلة النهائية هي الهدم والتدمير.. فبدءا بتردي للتعليم والثقافة لعقود طويلة ومرورا بنشر الفكر المسمم سياسيا ومجتمعيا وانتهاء بالعمليات الإرهابية التي تطال كل أبناء الوطن مدنيين وعسكريين تتربع النكسة علي عرش المشهد الحالي.. نكسة وطن في الكثيرين من أبنائه ممن عاشوا علي أرضه وتربوا من خيراته وقدموه علي طبق من فضة لأعدائه بلا أدني شعور بالذنب أو الخجل مما تقترفه أيديهم من جريمة نكراء في حقه.. إن الفارق ما بين5 يونيو1967 و5 يونيو2017 ليس فارقا زمنيا فحسب بل مشهدي أيضا.. فشتان ما بين جيل الستينيات الذي ساند قيادته السياسية ودعم جيشه وآزره برغم الهزيمة العسكرية والجيل الحالي الذي ينظر علي قواتنا المسلحة الباسلة ويسخر منها وهي تدك معاقل الإرهاب سواء في سيناء أو علي حدودنا الغربية.. إن جيل67 لم يكن أبدا هو جيل النكسة كما أطلق عليه من لحقوه ولكنه كان جيل العزيمة والتحدي والوطنية الحقة الخالصة.. إن جيل النكسة الحقيقية هو من تشبعت أفكاره بكل ما هو متطرف في العقيدة والثقافة, ولم يرب أبناءه علي الانتماء إلي الوطن واحترام جيشه ولم يتحمل مسئوليته في الحفاظ علي المجتمع من التفكك والفتن..