تعلمنا في الماضي علي يد الأجداد معني وقيمة الأعياد وفرحة تجمعاتها التي كانت تضيف للحياة مذاق مختلف، واليوم تقلّصت الروابط الأسرية مع افتقاد معني وقيمة كل عيد؛ الأجيال الجديدة أصبحت تري الأعياد من زاوية العطلة الرسمية وأنواع الطعام المرتبط بيوم العيد أما عن أصل العيد ومعناه وعاداته الاجتماعية.. كل هذا للأسف ذهب مع الزمن، فهل لنا من أعادة المعني لأعيادنا من جديد؟! نعيش هذه الأيام أعياد الربيع، في الماضي كنا نجتمع صغاراً حول أبي العزيز رحمه الله لسماع قصة الربيع ونحن نقوم بتلوين البيض، وبعد أن نُعد المنزل مع أمي بمختلف الأزهار الملونة استقبلاً للربيع يأخذنا أبي في جولة بين الحدائق لاستنشاق رائحة عيد الربيع من بين أزهاره.. كنت أتذكر تفاصيل عيد الربيع وأستحضر أصله من الذكريات وأنا في طريقي لمقابلة أحد أصدقائي المهتمين بالتاريخ المصري القديم.. ما هذه الصدفة التي ستجمعني به اليوم؟! بحثتُ عن صديقي كثيراً فلم أجده لكن وجدتُ تجمع كبير من الأطفال والشباب في أحد أرجاء المكان وقبل أن يُحدثني فضولي لأتفقد ما يحدث، شاهدتُ أحد الأطفال وهو يجري مسرعاً ويستحلف والدته بأن تمنحه الفرصة للاستماع إلي قصة ربيع الزمن الجميل.. هنا اتجهتُ بفضول الأطفال نحو التجمع لأستمع معهم، فكم اشتقتُ لقصة الربيع، العجيب أني فوجئت بصديقي يجلس في منتصف التجمع.. وبعد أن طرح عده أسئلة علي الحضور عن أصل عيد الربيع وأساس تسميته بهذا الاسم ولم يجبه الكثير؛ أخذ في قص أصل القصة.." الكل يخرج في هذا الوقت من كل عام إلى الحدائق للاستمتاع بالطبيعة في جو يسوده السعادة والمرح والترابط الأسرى للاحتفال بعيد "شم النسيم"، يرجع أصل هذا العيد للقدماء المصريين، قديماً لم يكن هناك يوم ثابت للاحتفال كما نفعل اليوم ولكن كان الاحتفال بأعياد الربيع وقت الحصاد. أما عن اساس أسم شم النسيم؛ فكان المصري القديم يقسم السنة الى ثلاث فصول وهى (أخت وهو فصل "الفيضان"، برت وهو فصل "الانبات"، شمو وهو فصل "الحصاد") ومن هذه التسمية اخذت كلمة شم وهى تعنى فصل الحصاد وتجدد الحياة، وأضيف بعد ذلك من لغتنا العربية كلمة نسيم ليصبح عيد شم النسيم هو عيد الربيع وتفتح الزهور. كان الاحتفال قديماً عند نهر النيل، حيث كان الفراعنة يقوموا بتلوين ونقش بيض الإوز والنعام بالنّقوش الفرعونية الموجودة في المعابد والبرديات القديمة؛ لذلك نحن نقوم اليوم بتلوين بيض الدجاج لأحياء الموروث الثقافي لأجدادنا القدماء.. اما عن السمك المملح؛ فكان المصري القديم يقوم بتجفيفه وتمليحه للحفاظ عليه أطول فترة ممكنه بعيدا عن التلف.. نحن نحتفل هذه الأيام ليس بقدوم الربيع فحسب بل لنتذكر قصة ربيع الزمن الجميل لأجدادنا القدماء." مع نهاية القصة أخذ الأطفال في الاحتفال من جديد لكن هذه المرة بعد أن عرف صديقي كيف يعيد المعني المفقود للعيد. [email protected] لمزيد من مقالات مى إسماعيل;