في واحدة من أحداث الدراسات العلمية, ناقشت منذ أيام كلية آثار القاهرة رسالة دكتوراه عن اكتشاف لغة الانسان المصري الأول من خلال رسومات عمرها250 الف سنة تركها الانسان الأول فوق جدران كهوف عمرها50 مليون سنة في صحراء مصر الغربية تكونت نتيجة ذوبان خام الالبستر عبر آلاف السنين, وما أحدثته المياه الجوفية التي تتجمع بعد سقوط الأمطار وتتسرب الي باطن الأرض مكونة شبكات من الأودية, وبهذا يتكون تجويف داخل باطن الأرض فيما يعرف بالكهوف, ونظرا لوجود فراغ بين السطح العلوي والسفلي بدأت تتكون الصواعد والهوابط, عندما تتسرب مياه الأمطار وتصل الي سقف الكهف حيث تبدأ في التنقيط قطرة قطرة وعندما تتعرض هذه القطرات لحركة هواء الكهف الغني بثاني أكسيد الكربون يتم تركيز مادة كربونات الكالسيوم حولها والتي تركز هذه المادة علي هيئة حلقة تحيط بالقطرات المائية مكونة هذه الأجسام الكرستالية من الصواعد والهوابط داخل الكهف. ................................................................... ويعد كهف وادي سنور واحدا من ابرز الكهوف العالمية بتكويناته الطبيعية التي لا يوجد مثيل لها في العالم, وبذلك يعد هذا الكهف لوحة جيولوجية عالمية من الصواعد والهوابط المكونة من الالبستر الكرستالي, كما لو كانت تكوينات من الألماس التي تسقط عليها الضوء عاكسة تلك التكوينات الضوئية من الوان الطيف علي حدقة العين, لترسم لنا في ذاكرتنا وذاكرة التاريخ لوحات فنية جيولوجية بديعة. كهوف وادي صورا: وتمضي الرحلة عبر الصحراء القاحلة, والتي شهدت علي مر الزمان تقلبات مناخية يشرحها علماء الحفريات والجيولوجيا, والتي ضربت هذه الأرض منذ ملايين السنين, حيث مرت بعصور ثلاثة كانت قاعا للبحر, ثم أربعة عصور مطيرة, ثم صحراء جرداء, وقد خلف ذلك كم هائلا من الحفريات المنتشرة في أرجائها, فتوجد شجرات المانجروف, والشعاب المرجانية وهياكل القروش البحرية والحيتان, وأيضا الديناصورات العملاقة التي يبلغ وزن الواحد منها80 طنا. كهف الأرواح الطائرة: تعتبر هضبة الجلف الكبير أكبر منتجع صحراوي لما قبل التاريخ علي المستوي العالمي ولم يكن ذلك من فراغ فهذه الهضبة مترامية الأطراف حيث تبلغ مساحتها48 ألف كم مربع لا تحتوي إلا علي رمال وجبال وصخور فقط ولا يوجد منها أي نوع من مظاهر الحياة عدا قليلا من القلائل من الكائنات الحية التي تتكيف مع البيئة الصحراوية. وخلال سنوات الحرب العالمية الثانية1944 لم يكن لدي الألمان دراية كبيرة بالصحراء المصرية ولأن الإنجليز كانوا يحتلون مصر كان علي الألمان أن يستعينوا بأحد الأدلة الصحراوية الخبير في الأودية الصحراوية المصرية ليرسم فكرة تطويق الجيوش الانجليزية من الناحية الغربية وقد استعانوا بالكونت الماس الذي استطاع ان يمدهم بمعلومات غاية في الأهمية ساعدت رومل في الوصول الي الاراضي الليبية حتي العلمين. وكان الكونت الماس يجهز رحلة صحراوية كل خمس سنوات مصطحبا معه عددا من الجمال والعبيد متجها من الواحات الداخلة عبر الصحراء وقد وصلت رحلاته حتي وادي صورا ووجد العديد من الكهوف المصورة بشكل رائع وغاية في الأهمية فأسمي هذا الوادي باسم وادي صورا وأطلق علي احد هذه الكهوف كسف السابحين( وحاليا سمي بكهف الأرواح الطائرة). وادي صورا: وتمضي رحلات السفاري في قلب الصحراء القاحلة حتي تصل إلي وادي صورا وسمي هذا الوادي بهذا الاسم الانتشار صور انسان ما قبل التاريخ والرحلة إلي هذه المنطقة تبدأ من الواحات البحرية أو الفرافرة أو الداخلة عند منطقة ابو منقار وبعد ثمانية أيام نصل إلي أحد الاودية الفسيحة وفي صباح اليوم الثاني عشر تتضح أمامنا منطقة كهوف وادي صورا وهي منطقة مليئة بالرسوم الملونة التي لا توجد مثيل لها في العالم وتكاد تكون أكثر روعة وشهرة وجمالا من كهوف لاسكو والتميرا وتعد كهوف وادي صورا سجلا مصورا عن حياة الإنسان البدائي فقد شمل أحد الكهوف علي أكثر من الفين رسم ملون للإنسان وحياته ورقصاته وطقوسه الجنائزية وحملة القرابين ومناظر الغزلان التي تشرب من البحيرات الصغيرة هذا بجانب الكثير من الطقوس اليومية الجديدة مثل طقسه تطيير النعام وهذا إلي جانب العديد من النقوش التي تصور الإنسان في وضع سابح ولذا سمي أحد هذه الكهوف بكهف السابحين ولكنه في الحقيقة كانت لمناظر الإنسان في وضع حائر أي الروح ولا زالت الرمال في كهف وأدي صورا تحتوي علي آلاف المناظر المخبأة تحت الرمال. وعندما تقترب الرحلة الي نهايتها فإنها تصل الي ما يسمي جبل العوينات ويوجد هذا الجبل بين التقاء الحدود المصرية السودانية الليبية وهو عبارة عن جبل مساحته25 كم ينتشر به كم هائل من النقوش والرسوم الصخرية المهمة مثل( الزراف والنعام والماعز وكباش والكبش الأروي والودان وكلاب الصيد وخلافه). مغارة الكنترا: يمكن الوصول إلي هذه المغارة أو الكهف الصغير بعد اليوم الرابع عشر من الرحلة الشاقة للصحراء الكبري التي تبدأ من الواحات البحرية حتي نصل إلي مغارة الكنترا وتطلق عليها مغارة القنطرة أحيانا لأنها أشبه بالقنطرة التي يعبر عليها الناس فوق ممر مائي وتحتوي هذه المغارة علي نفوش ملونة لم تر عين أجمل منها علي مستوي العالم كله منها تصور كمية من الأبقار البيضاء والزرقاء والحمراء رسمت بشكل غاية في الدقة ولقد كان الفنان يعي تماما الفرق بين البقرة الأنثي بثديها المتدلي وبين الثيران بقرونها الواضحة وتعد رسوم مغارة الكنترا من أجمل النقوش الملونة في هضبة الجلف الكبير وتعد تسجيلا جليا لطرق الفن البدائي. كهف الأبيض: يعتبر كهف الأبيض واحدا من أهم الكهوف المصرية ويوجد هذا الكهف في محيط سهل كراويين علي بعد45 كم من كرز ومدينة الفرافرة ويوجد هذا الكهف في تكوينات العصر الطباشيري المكون تكوينات الصحراء البيضاء والتي ترجع عمر هذه التكوينات لأكثر من30 مليون عام. وفي أحد جبال هذه التكوينات الطباشيرية يوجد كهف الأبيض ويطلق عليه الأبيض بضم الألف نسبة لوجوده في أحد الجبال البيضاء. وقام خبراء الآثار بالكشف عن بعض المعالم الهامة داخل الكهف منها بصمة يد لإنسان ما قبل التاريخ تعود ربما لأكثر من ثمانية آلاف عام كما تم العثور بالكهف علي العديد من الندبات الحجرية الممثلة لبصمات حفريات ربما فقارية وتتم دراستها حاليا ويمثل هذا الكهف حلقة وصل في الفنون البدائية لانسان ما قبل التاريخ بين الصحراء الغربية وسكانها في فترة نهايات عصر السفانا وبدايات عصر الجفاف وانتقال التجمعات البشرية لأنسان ما قبل التاريخ من الصحراء الغربية في اتجاه وادي النيل وذلك في نهايات الألف السادس قبل الميلاد. كهف الجارة: يعد كهف الجارة من أشهر الكهوف المصرية وأقدمها كشفا حيث تم الكشف عن هذا الكهف بواسطة جيرهارد روفلز عام1873 وذلك اثناء قيامه برحلة من واحة الكفرة وعين دو بليبيا مخترقا الصحراء الغربية بالجمال والتي استمرت اكثر من ثلاثة أشهر وكانت القوافل لا تمر من هذه الاماكن نظرا لوعورتها ولكن في الغالب نظرا لتعرض قافلته لبعض العواصف فقد اتجهت غربا فشرقا حتي وصل الي احد الاماكن المسطحة والتي لم يكن يتوقع أن يكون فيها ملجأ من العواصف الا انه عندما وجد الكهف احتمي به وكتبه في مذكراته.. ويبدو أن جيرهارد لم يكن اول المكتشفين حيث عثر الدكتور خالد سعد مدير آثار ما قبل التاريخ العديد من النقوش الصخرية داخل الكهف والتي ترجع لأكثر من20 الف عام وهذا يدل علي ان انسان ما قبل التاريخ كان يعلم جيدا هذا الكهف واحتمي به ورسم فيه بعض نقوشه الصخرية التي توضح الحياة البيئية المحيطة به ومن الصعب بلوغ هذا الكهف بسهولة نظرا لوقوعه أسفل سطح الأرض لا يمكن للعين المجردة ملاحظته ودخوله يتم من خلال فجوة ضيقة تستدعي الانحناء والتحرك علي أربع الأيدي والركب لمسافة قصيرة خلال نفق ضيق وفور بلوغ فسحة الكهف سيلاحظ علي جدران الجانب اليسار نحت لبقر ولإنسان وهي منحوتات بالغة الأهمية تاريخيا. والكهف يقع علي مسافة مائتان كيلومتر جنوب شرق واحة البحرية وهناك طريقتان لبلوغه إما من أعلي الهضبة الجيرية والتي تفصل بين وادي النيل ومنخفضات الفرافرة والبحرية والداخلة أو عن طريق واحة الحارة والتي تقع جنوب الباويطي بواحة البحرية ثم التحرك بمحاذاة شرق غرود أبو محرق حتي بلوغ الكهف. وهو يقع بالصحراء الغربية علي هضبة الحجر الجيري بجوار مدق الجمال والذي يربط واحه الفرافرة بمحافظة أسيوط بوادي النيل. وتنتشر علي جدرانه منحوتات للإنسان المصري الأول والذي عاش بهذه المنطقة عندما كانت غنية بالمياه منذ حوالي ثمانية آلاف وستمائة عام قبل الميلاد وهي منحوتات تصور بشر وحيوانات وفنون الصيد في ذلك الوقت. ومساحة قطاع جاره والتي يقع بها الكهف لا تتعدي الخمسة كيلومترات عرض في عشرة كيلومترات طولا. فقد كانت الحياة محتملة في ذلك التاريخ نظرا لتوفر كميات محدودة من المياه والثابت أن المياه كانت وفيرة في العصور السابقة لهذا التاريخ وهو ما أدي إلي تكوينات الصواعد والهوابط من أملاح كربونات الكالسيوم داخل هذا الكهف. وهناك حاليا دراسات من علماء الآثار والتاريخ منصبه علي الربط بين حضارة وادي النيل وحضارات سكان واحات الصحراء المصرية الغربية تعتمد علي فحص المخلفات مثل رءوس الاسهم والحراب والخناجر الحجرية. فعلي مسافة خمسة عشرة كيلومترا من غرود أبو محرق يقع هذا الكهف والذي أكتشف اعلاه أدوات وخلفات الإنسان الأول وثبت وجود تشابه مؤكد بين الخناجر الحجرية المكتشفة فيه وما اكتشف في مواقع فجر الحضارة الفرعونية بوادي النيل. وقد أوضحت دراسة النقوش الصخرية والرسوم الملونة في الكهوف التي اجراها علماء الآثار وجودكم كبير جدا من العلامات التصويرية التي لم يجدها اي من علماء العالم ولم تدرج في دراسات اللغة او الآثار المصرية وكانت هي الاساس في نشأة اللغة المصرية القديمة المقدس( الهيروغليفي) وسمي هذا القاموس باسم ما قبل الهيروغليفية والتي اكتشف الكثير من العلامات التصويرية الجديدة في الحضارة الفرعونية والتي تعد بذلك اقدم لغات العالم. التعبيرات التصويرية وقد أثبتت الدراسة, أن التعبيرات التصويرية التي تركها الانسان الأول علي جدران هذه الكهوف انها هي المحاولة الأولي لاختراع الكتابة, تلاها إدخال دور صوتي لهذه العلامات لتعطي كل علامة صوتا.