وزيرة التخطيط: 4.2% معدل النمو المستهدف خلال 2024-2025    "المركزي لمتبقيات المبيدات" يختتم برنامجا تدريبيا حول طرق سحب العينات الغذائية    حركة فتح تكشف طلباتها في اتفاق وقف إطلاق النار بغزة    استخرج نتيجتك الان.. نتيجة الشهادة الإعدادية بمحافظة السويس لعام 2024    الجيل: الحوار الوطني يدعم مواقف مصر الثابتة تجاه القضية الفلسطينية    وزير الداخلية يستقبل نظيره الكويتي لبحث سبل تعزيز التعاون الأمني بين البلدين (صور)    أثر إيجابي على الوضع الاقتصادي.. رئيس الوزراء يشيد بانخفاض معدل المواليد    اللجنة العامة ل«النواب» توافق على موزانة المجلس للسنة المالية 2024 /2025    ذا هيل: تحالف كوريا الشمالية وروسيا قد يلحق ضررا ببايدن في الانتخابات الرئاسية    مصر تواصل تحركاتها لتقديم المساعدات الإنسانية العاجلة إلى أهالي غزة    اليونيسف: تعطل توزيع المكملات الغذائية بغزة يهدد حياة أكثر من 3 آلاف طفل    أخبار الأهلي: وكيل كوناتي يكشف مفاجآة في مفاوضات الأهلي مع اللاعب    رئيس جامعة قناة السويس يُؤكد توافر الأطقم الطبية داخل عيادات كل كلية أثناء فترة الامتحانات    أماكن صلاة عيد الأضحى في المحافظات 2024.. الأوقاف تعلن 6 آلاف ساحة    «القومي للمرأة»: مؤشر عدد الإناث بالهيئات القضائية يقفز ل3541 في 2023    مصدر يكشف حقيقة إصابة جورج وسوف بنزيف حاد    طبعة إنجليزيّة لرواية "أَدْرَكَهّا النّسيانُ" لسناء الشّعلان (بنت نعيمة)    سوسن بدر تشكر «المتحدة» بعد تكريمها في احتفالية فيلم أم الدنيا 2    ينطلق السبت المقبل.. قصور الثقافة تعلن عروض المهرجان الختامي لفرق الأقاليم المسرحية    تعرف على سبب فشل زيجات نسرين طافش    خبيرة فلك تبشر مواليد هذه الأبراج بانفراجة كبيرة    الأفلام المصرية تحقق 999 ألف جنيه إيرادات في يوم واحد.. والسرب يحتفظ بنصيب الأسد    دعاء ذبح الأضحية كما ورد في السنة..« إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله»    تكبيرات عيد الأضحى مكتوبة.. «الإفتاء» توضح الصيغة الشرعية الصحيحة    تعرف على محظورات الحج وكفارتها كما حددها النبي (فيديو)    لمدة يومين.. صحة مطروح تطلق قافلة طبية بمنطقة فوكة بالضبعة غدا    رئيس الشعبة بالغرف التجارية: مبيعات الأدوية تتجاوز 65 مليار جنيه خلال 5 أشهر من 2024    البنك التجاري الدولي يتقدم بمستندات زيادة رأسماله ل30.431 مليار جنيه    أمينة الفتوى: «بلاش نحكي مشاكلنا الزوجية للناس والأهل علشان متكبرش»    «كوني قدوة».. ندوة تثقيفية عن دور المرأة في المجتمع بالشرقية    علاء نبيل يعدد مزايا مشروع تطوير مدربي المنتخبات    «التنظيم والإدارة» يتيح الاستعلام عن نتيجة التظلم للمتقدمين لمسابقة معلم مساعد    مفاجأة.. مدرب ليفربول يحسم مستقبل محمد صلاح    إصابة سائق إثر حادث انقلاب سيارته فى حلوان    خاص رد قاطع من نادي الوكرة على مفاوضات ضم ديانج من الأهلي    توني كروس يصل ل300 انتصار مع الريال بعد التتويج بدوري أبطال أوروبا    طرق حديثة وحماية من السوشيال.. أحمد حلمى يتحدث عن طريقة تربية أولاده (فيديو)    في دقيقة واحدة.. طريقة تحضير كيكة المج في الميكروويف    برلماني أيرلندي ينفعل بسبب سياسة نتنياهو في حرب غزة (فيديو)    العمل: 3537 فُرصة عمل جديدة في 48 شركة خاصة تنتظر الشباب    الاحتلال الإسرائيلي يواصل قصفه قرى وبلدات جنوبي لبنان    محمد الشيبي.. هل يصبح عنوانًا لأزمة الرياضة في مصر؟    تأجيل محاكمة المتهمين بقتل مسن في روض الفرج    تأجيل إعادة إجراءات محاكمة متهمين ب "جماعة حازمون الإرهابية" ل 2 سبتمبر    الأهلي يكرم فريق سيدات اليد    وزير المالية: مشكلة الاقتصاد الوطني هي تكلفة التمويل داخل وخارج مصر    مفتي الجمهورية: يجوز للمقيمين في الخارج ذبح الأضحية داخل مصر    المؤتمر: تحويل الدعم العيني لنقدي خطوة تحقق العدالة الاجتماعية    توجيه جديد لوزير التعليم العالي بشأن الجامعات التكنولوجية    وزير الإسكان ومحافظ الإسكندرية يتفقدان مشروع إنشاء محور عمر سليمان    تحرير 139 مخالفة للمحلات غير الملتزمة بقرار الغلق لترشيد الكهرباء    توريد 125 طن قمح لمطحن الطارق بجنوب سيناء    في زيارة أخوية.. أمير قطر يصل الإمارات    غرفة الرعاية الصحية: القطاع الخاص يشارك في صياغة قانون المنشآت    محافظ كفر الشيخ يعلن أوائل الشهادة الإعدادية    تحرير أكثر من 300 محضر لمخالفات في الأسواق والمخابز خلال حملات تموينية في بني سويف    لتحسين أداء الطلاب.. ماذا قال وزير التعليم عن الثانوية العامة الجديدة؟    عمرو السولية يكشف طلب علي معلول في لقاء الجونة وما ينتظره من الأهلي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كتابة
زمن القليوبي ( 80 )

كنتُ قد توقفت عند وصولي إلي سجن طرة قادما من منفاي في الوادي الجديد، وبعد إلقائي في إحدي الزنازين، ومكوثي وحدي مايقرب من ساعة، سمعت أصواتا في الخارج، ثم فُتح باب الزنزانة ودخل عدد من الناس لم أتبين ملامحهم في الضوء الشحيح. بعد أن استقروا علي أبراشهم، انتبهوا لي وسألني أحدهم عن اسمي، وفوجئتُ به يعرفني. رحبّ بي وعرفت أن اسمه عبده كراوية، فتذكرت أنني كنتُ قد تعرّفت عليه وعلي مجموعة من شباب منطقة القناة المهجّرين بعد الهزيمة في قهوة إيزافيتش، وانخرط عبده في النضال النقابي في المصنع الذي يعمل فيه بعد عودة المهجرين بدءا من عام 1975 .
شعرت، بسكينة وهدوء للمرة الأولي منذ بداية اليوم. بدا لي أن الشباب الذين دخلوا منذ قليل معتادون علي الحبس ويتصرفون بتلقائية وهم يحكون لبعضهم البعض عما جري في تحقيقات النيابة. وكانت أجهزة الأمن حريصة علي خروج هؤلاء المتهمين للتحقيق معهم وحبسهم بمعرفة النيابة في جُنح الليل، بسبب مايقومون به إذا تم إرسالهم أثناء النهار من هتافات وضجيج شديد للفت الأنظار إليهم، كجزء من نضالهم ضد من يحبسونهم، خصوصا أن نيابة أمن الدولة كان مكانها آنذاك في وسط البلد في شارع زكي بالتوفيقية.
نمتُ بعمق. نوم بلا أحلام. لم أشعر بنفسي مطلقا إلا في صباح اليوم التالي.
الأيام الأولي كانت كئيبة، وكان هناك تشديد علينا في فتح وإغلاق الزنازين ودخول دورة المياه والخروج لطابور الشمس، إلي جانب الاعتماد علي طعام السجن، وهو ليس طعاما في حقيقة الأمر، مع منع الصحف والأقلام.. وتطول وتمتد قائمة الممنوعات، والأهم منع الاتصال بين الزنازين، فكل زنزانة تخرج للذهاب لدورة المياه وحدها، ودورات المياه مُهينة ولاحواجز بينها.
كانوا قد أخلوا لنا عنبرا في الدور الأرضي يضم مجموعة من الزنازين المتجاورة، وحالوا بيننا وبين المساجين الجنائيين، لكننا استطعنا في الليل أن ننادي علي بعضنا البعض، وكل زنزانة تقوم بتقديم أسماء ساكنيها للزنازين الأخري، واكتشفتُ أنني أعرف الكثيرين. طلاب ونقابيين وكتابا من بينهم مثلا عماد أبوغازي وبراء الخطيب وتيمور الملواني وأسامة خليل وغيرهم وغيرهم، من القاهرة والإسكندرية والقناة وأسيوط وقنا .
وعندما خرجت، للتحقيق في النيابة في الليلة التالية، لم يستغرق التحقيق دقائق قليلة وأنا مقيّد، وسألني وكيل النيابة أسئلة قليلة جدا مثل هل أنت منضم لتنظيم سري يسعي لقلب نظام الحكم أو ماقولك في اتهامك بكذا وكيت وأجبته طبعا ب: ماحصلش
و ماعرفش، فأمر بحبسي وعدت إلي السجن دون أن يأمر المحقق بفك قيدي أثناء التحقيق.
وبعد مايقرب من أسبوع من التضييق والتشديد ومطالبنا المتزايدة بحقوقنا كمساجين تحت التحقيق طبقا للوائح السجن، وهي أمور كان يعرفها جيدا زملاؤنا ممن اعتادوا علي الحبس والإفراج ثم الحبس والإفراج، كما يعرفون جيدا طرق الضغط والتلويح بالإضراب وما إلي ذلك، سمحوا لنا أخيرا بالخروج من زنازيننا والمشي داخل العنبر فقط.
وبعد عدة أيام زادت مطالبنا وبدأ التلويح الحقيقي من جانب العارفين بالإضراب، وتجمعنا خارج الزنازين. أنا من جانبي لم أكن ملما بمثل تلك الأساليب والطرق، فهي حبستي الأولي، وكنت أشعر بالحاجة إلي الاستحمام وأعاني من قلّة السجائر، ومن عدم معرفتي لمصير عائشة، علي الرغم من أنني كنت أعرف الكثيرين، وعلي الرغم من أغلبهم كانوا يتعاملون ببساطة واعتيادية أغاظتني.
جاء الحل من حيث لا أتوقع، فبينما كنا نسير في الصباح، خلال نصف الساعة الممنوحة لنا بالمشي خارج الزنازين في فناء العنبر، فوجئنا ب"بستلة" مياه مملوءة بالقاذورات تُلقي علينا من أحد الطوابق العليا حيث عنابر وزنازين الجنائيين. كنت قريبا جدا من المكان الذي ألقيت منه، ولو كانت طالتني أو طالت أحد الزملاء، فمن المؤكد أنها كانت ستصيبه في مقتل، لأن الأرضية التي سقطت عليها تحطمت تماما..
في الأسبوع القادم أستكمل إذا امتد الأجل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.